وهذا آخر كلام الجن.
قوله وألو (اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ) ، «أن» هي المخففة من الثقيلة ، وتقدم أنه يكتفى ب «لو» ، فأصله بين «أن» المخففة ، وخبرها إذا كان جملة فعلية في سورة «سبأ».
وقال أبو البقاء هنا : «ولو» عوض كالسّين ، وسوف ، وقيل : «لو» بمعنى «إن» و «إن» بمعنى اللام ، وليست بلازمة كقوله (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ) [مريم : ٤٦] ، وقال في موضع آخر : (وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ) [المائدة : ٣٧] ذكره ابن فضالة في البرهان.
قال شهاب الدين (١) : «وهذا شاذّ لا يلتفت إليه ألبتة لأنه خلاف النحويين».
وقرأ العامة : بكسر «وأن لو» على الأصل.
وابن وثّاب والأعمش : بضمها (٢) ، تشبيها بواو الضمير. وقد تقدم تحقيقه في البقرة.
فصل في بيان أن الله أوحى إليهم أن الإيمان سبب البسطة في الرزق
هذا من كلام الله تعالى ، أي لو آمن هؤلاء الكفار لوسعنا عليهم في الدنيا وبسطنا لهم في الرزق ، وهذا محمول على الوحي ، أي أوحي إليّ أن لو استقاموا.
قال ابن بحر كل ما كان في هذه السورة من «أنّ» المثقلة فهي حكاية لقول الجن الذين سمعوا القرآن ، فرجعوا إلى قومهم منذرين ، وكل ما فيها من «أن» المفتوحة المخففة فهي وحي إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وقال ابن الأنباريّ : ومن كسر الحروف ، وفتح (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا) أضمر يمينا تأويلها : والله أن لو استقاموا على الطريقة ، كما يقال في الكلام : والله إن قمت لقمت ، والله لو قمت قمت.
قال الشاعر : [الوافر]
٤٩١٠ ـ أما ـ والله ـ أن لو كنت حرّا |
|
وما بالحرّ أنت ولا العتيق (٣) |
ومن فتح ما قبل المخففة نسقها على تقدير : (أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ) ، وألو (اسْتَقامُوا) أو «على (آمَنَّا بِهِ») ويستغنى عن إضمار اليمين.
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣٩٥.
(٢) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٣٤٤ ، والدر المصون ٦ / ٣٩٥.
(٣) ينظر الإنصاف ١ / ١٢١ ، وخزانة الأدب ٤ / ١٤١ ، ١٤٣ ، ١٤٥ ، ١٠ / ٨٢ والجنى الداني ص ٢٢٢ ، وجواهر الأدب ص ١٩٧ ، والدرر ٤ / ٩٦ ، ٢١٩ ، ورصف المباني ص ١١٦ ، وشرح التصريح ٢ / ٣٣٣ ، وشرح شواهد المغني ١ / ١١١ ، ومغني اللبيب ١ / ٣٣ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤٠٩ ، والمقرب ١ / ٢٠٥ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٨ ، ٤١.