سورة الصف
[مدنية](١) في قول الأكثرين. وذكر النحاس [عن ابن عباس](٢) : أنها مكية ، وهي أربع عشرة آية ومئتان وإحدى وعشرون كلمة وتسعمائة حرف.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى : (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(١)
قال ابن الخطيب (٣) : وجه تعلق هذه السورة بما قبلها ، هو أن في السورة التي قبلها ، بين الخروج إلى الجهاد في سبيل الله ، وابتغاء مرضاته بقوله : (إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي) [الممتحنة : ١] ، وفي هذه السورة بين ما يحمل المؤمن ، ويحثّه على الجهاد ، فقال : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ) [الصف : ٣].
فإن قيل : ما الحكمة في أنه ـ تعالى ـ قال في بعض السور : (سَبَّحَ لِلَّهِ) بلفظ الماضي ، وفي بعضها : «يسبّح» بلفظ المضارع ، وفي بعضها بلفظ الأمر؟.
فالجواب : أن الحكم في ذلك تعليم العبد ، أن تسبيح الله تعالى دائم لا ينقطع ، كما أن الماضي يدل عليه في الماضي من الزمان ، والمستقبل يدل عليه في المستقبل من الزمان والأمر يدل عليه في الحال (٤).
و «العزيز» : هو الغالب على غيره أي شيء كان ذلك الغير ، ولا يمكن أن [يحكم](٥) عليه غيره ، و «الحكيم» : هو الذي يحكم على غيره ، أي شيء كان ذلك الغير.
فإن قيل : هلّا قيل : سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وما فيهما وهو أكثر مبالغة؟ فالجواب (٦) : إنما يكون كذلك ، إذا كان المراد التّسبيح بلسان الحال ، أما إذا كان المراد من التسبيح المخصوص باللسان فالبعض بوصف معين ، فلا يكون كذلك.
__________________
(١) في أ : مكية.
(٢) سقط من أ.
(٣) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ٢٦٩.
(٤) في أ : المكان.
(٥) في أ : يغلب.
(٦) ينظر : السابق ٢٩ / ٢٧٠.