وقرأ مسلم بن جندب (١) : «نسلكه» بنون العظمة مضمومة من «أسلكه».
وبعضهم (٢) : بالياء من تحت مضمومة ، وهما لغتان ، يقال : سلكه وأسلكه.
وأنشد : [البسيط]
٤٩١١ ـ حتّى إذا أسلكوهم في قتائدة (٣)
و «سلك ، وأسلك» يجوز أن يكونا فيهما ضمّنا معنى الإدخال ، فلذلك يتعديان لاثنين ويجوز أن يقال : يتعديان إلى أحد المفعولين ، بإسقاط الخافض ، كقوله تعالى : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ) [الأعراف : ١٥٥].
فالمعنى : ندخله عذابا ، أو نسلكه في عذاب ، هذا إذا قلنا : إن «صعدا» مصدر.
قال الزمخشريّ : يقال : صعدا وصعودا ، فوصف به العذاب لأنه يتصعد للمعذب ، أي : يعلوه ، ويغلبه ، فلا يطيقه ، ومنه قول عمر ـ رضي الله عنه ـ : ما تصعد شيء ما تصعدتني خطبة النّكاح يقول : ما شقّ عليّ ، ولا غلبني.
وأما إذا جعلناه اسما لصخرة في جهنم ، كما قاله ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وغيره ، فيجوز فيه وجهان :
أحدهما : أن يكون «صعدا» مفعولا به أي «يسلكه» في هذا الموضع ويكون «عذابا» مفعولا من أجله.
الثاني : أن يكون «عذابا» مفعولا ثانيا كما تقدم ، و «صعدا» بدلا من عذابا ، ولكن على حذف مضاف أي : عذاب صعد ، وقرأ العامة بفتحتين ، وقرأ ابن عباس والحسن بضم الصاد وفتح العين ، وهو صفة تقتضي المبالغة كحطم ولبد ، وقرىء بضمتين وهو وصف أيضا ك «جنب» و «شلل».
فصل
ومعنى عذابا صعدا : أي شاقا شديدا.
[وقيل عن ابن عباس :] هو جبل في جهنم (٤) ، قال الخدريّ : كلما جعلوا أيديهم عليه ذابت (٥).
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٣٤٥ ، والدر المصون ٦ / ٣٩٥.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣٨٣ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٤٥ ، والدر المصون ٦ / ٣٩٥.
(٣) تقدم.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٢٧٠) والحاكم (٢ / ٥٠٤) من طريق عكرمة عن ابن عباس.
وقال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٣٦) وزاد نسبته إلى هناد وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٥) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٩ / ١٤).