وقرأ أبو رجاء (١) : بكسر اللام ، وكسر الباء ، وهي غريبة أيضا.
وقيل : اللّبد ـ بضم اللام وفتح الباء ـ : الشيء الدائم ، واللبد أيضا : الذي لا يسافر ولا يبرح ؛ قال الشاعر : [البسيط]
٤٩١٣ ـ من امرىء ذي سماح لا تزال له |
|
بزلاء يعيا بها الجثّامة اللّبد (٢) |
ويروى : اللّبد ، قال أبو عبيد : وهو أشبه ، ويقال : ألبدت القربة جعلتها في لبيد.
ولبيد : اسم شاعر من بني عامر.
قوله تعالى : (قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً (٢٠) قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً (٢١) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (٢٢) إِلاَّ بَلاغاً مِنَ اللهِ وَرِسالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً (٢٣) حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً)(٢٤)
قوله : (إِنَّما أَدْعُوا) ، قرأ عاصم وحمزة : بلفظ الأمر التفاتا ، أي : قل يا محمد ، والباقون (٣) : «قال» إخبارا عن «عبد الله» وهو محمد صلىاللهعليهوسلم.
قال الجحدريّ : وهي في المصحف كذلك. وقد تقدم لذلك نظائر في (قُلْ سُبْحانَ رَبِّي)(٤) آخر «الإسراء» ، وكذا في أول «الأنبياء» (٥) وآخرها (٦) ، وآخر «المؤمنون» (٧).
قال المفسرون : سبب نزول هذه الآية أنّ كفار قريش قالوا له : إنّك جئت بأمر عظيم ، وقد عاديت الناس كلهم ، فارجع عن هذا ونحن نجيرك ، فنزلت.
قوله : (قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً).
قرأ الأعرج (٨) : «رشدا» ـ بضمتين ـ. وجعل الضر عبارة عن الغي ؛ لأن الضرر سبب عن الغي وثمرته ، فأقام المسبب مقام السبب ، والأصل : لا أملك غيا ، ولا رشدا ، فذكر الأهم.
وقيل : بل في الكلام حذف ، والأصل : لا أملك لكم ضرا ولا نفعا ولا غيّا ولا رشدا فحذف من كل واحد ما يدل مقابله عليه.
فصل في معنى الآية
المعنى لا أقدر أن أدفع عنكم ضرا ولا أسوق لكم خيرا.
__________________
(١) ينظر السابق.
(٢) ينظر : القرطبي ١٩ / ١٧.
(٣) ينظر السبعة ٦٥٧ ، والحجة ٣٣٣ ، وإعراب القراءات ٢ / ٤٠٢ ، وحجة القراءات ٧٢٩.
(٤) آية ٩٣.
(٥) آية ٤.
(٦) آية ١١٢.
(٧) آية ١١٨.
(٨) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣٨٤ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٤٦ ، والدر المصون ٦ / ٣٩٧.