قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ)(٣)
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ).
روى الدّارميّ في مسنده قال : أنبأنا محمّد بن كثير عن الأوزاعيّ عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عبد الله بن سلام ، قال : قعدنا مع نفر من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم فتذاكرنا فقلنا : لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله لعملنا؟ فأنزل الله ـ تعالى ـ : (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ) حتى ختمها (١) ، قال عبد الله : قرأها علينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى ختمها ، قال أبو سلمة : فقرأها علينا عبد الله بن سلام حتى ختمها ، قال يحيى : فقرأها علينا أبو سلمة ، فقرأها علينا يحيى ، فقرأها علينا الأوزاعي ، فقرأها علينا محمد ، فقرأها علينا الدارمي.
وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : قال عبد الله بن رواحة : لو علمنا أحب الأعمال إلى الله لعملناه (٢) ، [فلما نزل الجهاد كرهوه](٣).
[وقال الكلبي : قال المؤمنون : يا رسول الله لو نعلم أحب الأعمال إلى الله لسارعنا إليها](٤) ، فنزلت : (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) [الصف : ١٠] ، فمكثوا زمانا يقولون : لو نعلمها لاشتريناها بالأموال والأنفس والأهلين؟ فدلّهم الله عليها بقوله : (تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) [الصف : ١١] الآية ، فابتلوا يوم أحد ، ففروا ، فنزلت هذه الآية تعييرا لهم بترك الوفاء (٥).
وقال محمّد بن كعب : لما أخبر الله ـ تعالى ـ نبيه صلىاللهعليهوسلم بثواب شهداء «بدر» ، قالت الصحابة رضي الله عنهم اللهم اشهد لئن لقينا قتالا لنفرغنّ فيه وسعنا ففروا يوم أحد ، فعيرهم الله بذلك (٦).
وقال قتادة والضحاك : نزلت في قوم كانوا يقولون : نحن جاهدنا وابتلينا ، ولم يفعلوا (٧).
وقال صهيب : كان رجل قد آذى المسلمين يوم بدر ، وأنكاهم ، فقتله ، فقال رجل : يا
__________________
(١) أخرجه الدارمي في «مسنده» (٢ / ٢٠٠).
(٢) في أ : لسارعنا إليها.
(٣) سقط من أ.
(٤) سقط من أ.
(٥) ينظر القرطبي (١٨ / ٥١).
(٦) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٣٣٧) والقرطبي (١٨ / ٥٢).
(٧) ينظر المصدر السابق.