يكون قريبا وبعيدا ، ألا ترى إلى قوله تعالى (تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً) [آل عمران: ٣٠] ، قلت : كان النبي صلىاللهعليهوسلم يستقرب الموعد ، فكأنه قال : ما أدري أهو حالّ متوقع في كلّ ساعة ، أم مؤجل ضربت له غاية؟».
وقرأ العامة : بإسكان الياء من «ربّي».
وقرأ الحرميان (١) وأبو عمرو : بالفتح.
فصل في تعلق الآية بما قبلها
قال مقاتل : لما سمعوا قوله تعالى : (حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً). قال النضر بن الحارث : متى يكون هذا الذي توعدنا به؟.
فقال الله تعالى : (قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ) إلى آخره (٢) ، والمعنى أنّ وقوعه متيقن ، وأما وقت وقوعه فغير معلوم.
وقوله تعالى : (أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً) ، أي : غاية وبعدا ، وهذا كقوله تعالى : (إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ).
فإن قيل : أليس أنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال : «بعثت أنا والسّاعة كهاتين» (٣) ، فكان عالما بقرب وقوع القيامة ، فكيف قال ـ هاهنا ـ : لا أدري أقريب أم بعيد؟.
فالجواب (٤) : أن المراد بقرب وقوعه ، هو أن ما بقي من الدنيا أقل مما انقضى فهذا القدر من القرب معلوم ، فأما معرفة القرب المرتب وعدم ذلك فغير معلوم.
قوله : (عالِمُ الْغَيْبِ) ، العامة : على رفعه ، إما بدلا من «ربّي» وإما بيانا له وإما خبرا لمبتدأ مضمر ، أي هو عالم.
وقرىء : بالنصب (٥) على المدح.
وقرأ السديّ (٦) : علم الغيب ، فعلا ماضيا ناصبا للغيب.
قوله : (فَلا يُظْهِرُ). العامة : على كونه من «أظهر» ، و «أحدا» مفعول به.
__________________
(١) ينظر : السبعة ٦٥٧ ، والحجة ٦ / ٣٣٤ ، وإعراب القراءات ٢ / ٤٠٣.
(٢) ذكره الرازي في «تفسيره» (٣٠ / ١٤٨).
(٣) أخرجه البخاري (٨ / ٥٦٠) كتاب التفسير ، باب : من سورة النازعات رقم (٤٩٣٦) ، (٥٣٠١ ، ٦٥٠٣) ومسلم (٤ / ٢٦٨) كتاب الفتن ، باب : قرب الساعة حديث (١٣٢ / ٢٩٥٠) من حديث جابر.
(٤) ينظر : الفخر الرازي ٣٠ / ١٤٨.
(٥) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٣٤٨ ، والدر المصون ٦ / ٣٩٩.
(٦) ينظر : السابق ، والمحرر الوجيز ٥ / ٣٨٥.