ويجوز أن يكون منصوبا على المصدر من المعنى ، لأن «أحصى» بمعنى «عد» ، فكأنه قيل : وعد كل شيء عددا.
أو يكون التقدير : وأحصى كلّ شيء إحصاء ، فيرد المصدر إلى الفعل ، أو الفعل إلى المصدر.
ومنع مكي كونه مصدرا للإظهار ، فقال : «عددا» نصب على البيان ، ولو كان مصدرا لأدغم.
يعني : أن قياسه أن يكون على «فعل» بسكون العين ؛ لكنه غير لازم ، فجاء مصدره بفتح العين.
ولما كان «ليعلم» مضمنا معن ى «قد علم ذلك» جاز عطف «وأحاط» على ذلك المقدر.
قال القرطبي (١) : «عددا» ، نصب على الحال ، أي : أحصى كل شيء.
فصل في معنى الإحاطة في الآية
المعنى : أحاط علمه بما عند الرسل ، وما عند الملائكة.
وقال ابن جبير : المعنى ليعلم الرسل أن ربهم قد أحاط بما لديهم ، فيبلغوا رسالاته (وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) أي : علم كل شيء وعرفه فلم يخف عليه منه شيء ، وهذه الآية تدل على أنه تعالى عالم بالجزئيات ، وبجميع الموجودات.
روى الثعلبي عن أبيّ بن كعب قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من قرأ سورة الجنّ أعطي بعدد كلّ جنّي وشيطان صدّق بمحمّد صلىاللهعليهوسلم وكذّب به عتق رقبة» (٢). والله تعالى أعلم بالصواب.
__________________
(١) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ٢١.
(٢) تقدم تخريجه.