والتزمل : التلفف ، يقال : تزمل زيد بكساء ، أي : التف به ؛ وقال ذو الرّمّة : [الطويل]
٤٩١٨ ـ وكائن تخطّت ناقتي من مفازة |
|
ومن نائم عن ليلها متزمّل (١) |
وقال امرؤ القيس : [الطويل]
٤٩١٩ ـ كأنّ ثبيرا في أفانين ودقه |
|
كبير أناس في بجاد مزمّل (٢) |
وهو كقراءة بعضهم المتقدمة.
فصل في بيان لمن الخطاب في الآية
هذا خطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم وفيه ثلاثة أقوال :
الأول : قال عكرمة : (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ) بالنبوة المتزمل بالرسالة (٣) ، وعنه : يا أيها الذي زمل هذا الأمر (٤) ، أي : حمله ثم فتر ، وكان يقرأ : (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ) ـ بتخفيف الزاي وفتح الميم وتشديدها ، على حذف المفعول ، وكذلك : «المدثر» ، والمعنى : المزمل نفسه والمدثر نفسه ، والذي زمله غيره.
الثاني : قال ابن عباس : يا أيها المزمل بالقرآن (٥).
الثالث : قال قتادة : يا أيها المزمل بثيابه (٦).
قال النخعيّ : كان متزملا بقطيفة عائشة رضي الله عنها بمرط طوله أربعة عشر ذراعا نصفه عليّ ، وأنا نائمة ونصفه على النبي صلىاللهعليهوسلم وهو يصلي ، والله ما كان خزا ولا قزا ولا مرعزاء ولا إبريسم ولا صوفا ، كان سداه شعرا ولحمته وبرا (٧) ، ذكره الثعلبي.
قال القرطبيّ (٨) : «وهذا القول من عائشة يدل على أنّ السورة مدنية ، فإنّ النبيصلىاللهعليهوسلم لم يبن بها إلّا بالمدينة ، والقول بأنها مكية لا يصح».
__________________
(١) ينظر : ديوانه (١٦٠٠) والكشاف ٤ / ٦٣٤ ، والبحر ٨ / ٣٥٢ ، والدر المصون ٦ / ٤٠١.
(٢) ينظر : ديوانه ص ٢٥ ، وتذكرة النحاة ص ٣٠٨ ، ٣٤٦ ، وخزانة الأدب ٥ / ٩٨ ، ٩٩ ، ١٠٠ ، ١٠٢ ، ٩ / ٣٧ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٣٣ ، واللسان (زمل) ، (خزم) ، ومغني اللبيب ٢ / ٥١٥ ، والأشباه والنظائر ٢ / ١٠ ، والمحتسب ٢ / ١٣٥.
(٣) ينظر : القرطبي (١٩ / ٢٢).
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٢٧٨) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٤١) وعزاه إلى ابن أبي شيبة وابن نصر.
(٥) ذكره الماوردي في «تفسيره» (٦ / ١٢٥) والقرطبي (١٩ / ٢٢).
(٦) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٢٧٨) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٤١) وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن نصر.
(٧) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٩ / ٢٢) عن النخعي.
(٨) ينظر : الجامع لأحكام القرآن (١٩ / ٢٣).