قوله : (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) ، الجملة من قوله : (إِنَّا سَنُلْقِي) مستأنفة.
وقال الزمخشريّ : «وهذه الآية (١) اعتراض» ثم قال : «وأراد بهذا الاعتراض أن ما كلفه من قيام الليل من جملة التكاليف الثقيلة الصعبة التي ورد بها القرآن ، لأن الليل وقت السبات ، والراحة ، والهدوء فلا بد لمن أحياه من مضادة لطيفة ، ومجاهدة لنفسه» انتهى.
يعني بالاعتراض من حيث المعنى ، لا من حيث الصناعة ، وذلك أن قوله : (إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً) مطابق لقوله : (قُمِ اللَّيْلَ) ، فكأنه شابه الاعتراض من حيث دخوله بين هذين المناسبتين.
فصل في معنى الآية
المعنى : سنلقي عليك بافتراض صلاة الليل (قَوْلاً ثَقِيلاً) يثقل حمله ، لأن الليل للمنام فمن أجر بقيام أكثره ، لم يتهيأ له ذلك إلا بحمل مشقة شديدة على النفس ، ومجاهدة الشيطان فهو أمر يثقل على العبد.
وقيل : المعنى سنوحي إليك القرآن وهو ثقيل العمل بشرائعه قال قتادة : ثقيل ـ والله ـ فرائضه وحدوده (٢).
وقال مجاهد : حلاله وحرامه (٣).
وقال الحسن : العمل به (٤).
وقال أبو العالية : ثقيل بالوعد ، والوعيد ، والحلال والحرام (٥).
وقال محمد بن كعب : «ثقيل على المنافقين لأنه يهتك أسرارهم ، ويبطل أديانهم» (٦).
وقيل : على الكفار لما فيه من الاحتجاج عليهم والبيان لضلالتهم وسب آلهتهم.
وقال السديّ : ثقيل بمعنى كريم ، مأخوذ من قولهم : فلان ثقيل عليّ ، أي يكرم عليّ (٧).
وقال الفراء : «ثقيلا» أي : رزينا.
__________________
(١) في أ : الجهلة.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٢٨١) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٤٣) وعزاه إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن نصر.
(٣) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٩ / ٢٦) عن مجاهد.
(٤) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٤٣) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن نصر.
(٥) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٩ / ٢٦).
(٦) ينظر : المصدر السابق.
(٧) ينظر : المصدر السابق.