والثاني : أنه من أمثلة التعجّب.
وقد عده ابن عصفور في «التعجب» المبوّب له في النحو ، فقال : «صيغة : ما أفعله ، وأفعل به ، ولفعل ، نحو : لرمو الرجل».
وإليه نحا الزمخشري (١) فقال : هذا من أفصح كلام وأبلغه في معناه ، قصد في «كبر» : التعجب من غير لفظه ؛ كقوله : [الطويل]
٤٧٦٢ ـ .......... |
|
غلت ناب كليب بواؤها (٢) |
ثم قال : وأسند إلى : «أن تقولوا» ، ونصب : «مقتا» ، على تفسيره ، دلالة على أن قوله : (ما لا تَفْعَلُونَ) : مقت خالص لا شوب فيه.
الثالث : أنّ «كبر» ليس للتعجب ولا للذم ، بل هو مسند إلى «أن تقولوا» و «مقتا»: تمييز محول من الفاعلية والأصل : كبر مقتا أن تقولوا أي : مقت قولكم.
ويجوز أن يكون الفاعل مضمرا عائدا على المصدر المفهوم من قوله : (لِمَ تَقُولُونَ) أي : «كبر أي القول مقتا» ، و «أن تقولوا» على هذا إما بدل من ذلك الضمير ، أو خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو أن تقولوا (٣).
قال القرطبي : و «مقتا» نصب بالتمييز ، المعنى : كبر قولهم ما لا تفعلون مقتا.
وقيل : هو حال ، والمقت والمقاتة : مصدران ، يقال : رجل مقيت وممقوت إذا لم يحبّه الناس (٤).
فصل
قال القرطبيّ : قد يحتجّ بهذه الآية في وجوب الوفاء في اللجاج والغضب على أحد قولي الشافعي (٥).
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ)(٤)
قرأ (٦) زيد بن علي : «يقاتلون» ـ بفتح التاء ـ على ما لم يسم فاعله.
وقرىء (٧) : «يقتّلون» بالتشديد.
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٢٣.
(٢) ينظر الكشاف ٣ / ٨٨ ، ٩٧ ، وشرح شواهد ص ٥٦١ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٥٨.
(٣) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣١٠.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ٥٣.
(٥) السابق.
(٦) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٢٣ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٥٩ ، والدر المصون ٦ / ٣١٠.
(٧) ينظر : السابق.