وقيل : لأن تأنيثها ليس بحقيقي ، وما كان كذلك جاز تذكيره وتأنيثه ؛ قال الشاعر : [البسيط]
٤٩٤٢ ـ ............ |
|
والعين بالإثمد الحاريّ مكحول (١) |
قوله : (كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً) ، يجوز أن يكون الضمير لله تعالى ، وإن لم يجر له ذكر للعلم به ، فيكون المصدر مضافا لفاعله ، ويجوز أن يكون لليوم ، فيكون مضافا لمفعوله والفاعل وهو «الله» مقدر.
فصل في المراد بالوعد
قال المفسرون : كان وعده بالقيامة والحساب والجزاء مفعولا كائنا لا محالة ولا شك فيه ولا خلاف ، وقال مقاتل : كان وعده بأن يظهر دينه على الدين كله (٢).
قوله : (إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ) ، أي : هذه السورة والآيات عظة ، وقيل : آيات القرآن إذ هو كالسورة الواحدة (فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) ؛ لأن هذه الآيات مشتملة على أنواع الهداية ، والإرشاد ، فمن شاء أن يؤمن ، ويتخذ بذلك إلى ربّه سبيلا ، أي : طريقا إلى رضاه ، ورحمته فليرغب ، فقد أمكن له ؛ لأنه أظهر له الحجج ، والدلائل.
قيل : نسخت بآية السيف ، وكذلك قوله تعالى : (فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ).
قال الكلبيّ : والأشبه أنه غير منسوخ.
قوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(٢٠)
قوله : (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ).
العامة : على ضم «اللام» من «ثلثي» وهو الأصل ، كالربع والسدس.
__________________
(١) عجز بيت للطفيل الغنوي وصدره :
إذ هي أحوى من الرّبعيّ حاجبه
ينظر ديوانه ص ٥٥ ، والإنصاف ٧٧٥١٢ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٨٧ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٣٤٢ ، والكتاب ٤٦١٢ ، واللسان (صرخد) ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٩٦٦ ، وشرح المفصل ١ / ١٨.
(٢) ذكره الماوردي في «تفسيره» (٦ / ١٣١) وينظر المصدر السابق.