وقيل : الإنذار هنا : إعلامهم بنوته ـ عليه الصلاة والسلام ـ لأنها مقدمة الرسالة.
وقيل : هو دعاؤهم إلى التوحيد لأنه المقصود.
وقال الفراء : قم فصلّ ومر بالصلاة.
قوله : (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) ، قدم المفعول ، وكذا ما بعد ، إيذانا بالاختصاص عند من يرى ذلك ، أو للاهتمام به.
قال الزمخشري : «واختص ربّك بالتكبير».
ثم قال : «ودخلت الفاء لمعنى الشرط كأنه قيل : ومهما تكن فلا تدع تكبيره» وقد تقدم الكلام في مثل هذه الفاء في البقرة عند قوله تعالى (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) [البقرة : ٤٠].
قال أبو حيان : «وهو قريب مما قدره النحاة في قولك : «زيدا فاضرب» ، قالوا : تقديره : «تنبّه فاضرب زيدا» فالفاء هي جواب الأمر ، وهذا الأمر إما مضمن معنى الشرط ، وإما الشرط محذوف على الخلاف الذي فيه عند النحاة».
قال أبو الفتح الموصلي : يقال : «زيدا اضرب ، وعمرا اشكر» وعنده أن الفاء زائدة.
وقال الزجاج : ودخلت الفاء لإفادة معنى الجزائية ، والمعنى : قم فكبّر ربّك ، وكذلك ما بعده.
فصل في معنى الآية
معنى قوله : (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) ، أي سيدك ومالكك ومصلح أمرك فعظمه ، وصفه بأنه أكبر من أن يكون له صاحبة ، أو ولد ، وفي الحديث : أنهم قالوا : بم تفتتح الصلاة؟ فنزلت : (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ)(١). أي : صفه بأنه أكبر.
قال ابن العربي : وهذا القول وإن كان يقتضي بعمومه تكبير الصلاة فإنه مراد به تكبيره بالتقديس ، والتنزيه بخلع الأنداد ، والأصنام دونه ، ولا تتخذ وليا غيره ، ولا تعبد سواه ، وروي أن أبا سفيان قال يوم أحد : «أعل هبل» ، فقال : صلىاللهعليهوسلم «قولوا الله أعلى وأجلّ» (٢) ، وقد صار هذا القول بعرف الشرع في تكثير العبادات كلها أذانا ، وصلاة بقوله «الله أكبر» وحمل عليه لفظ النبي صلىاللهعليهوسلم الوارد على الإطلاق في موارد منها قوله : «تحريمها التّكبير ، وتحليلها التّسليم» (٣) ، والشّرع يقتضي معرفة ما يقتضي بعمومه ، ومن موارده
__________________
(١) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٥١) وعزاه إلى ابن مردويه عن أبي هريرة.
(٢) تقدم.
(٣) أخرجه أبو داود (١ / ٤٩) كتاب الطهارة : باب فرض الطهارة حديث (٦١) والترمذي (١ / ٨ ـ ٩) كتاب الطهارة : باب مفتاح الصلاة الطهور وابن ماجه (١ / ١٠١) كتاب الطهارة : باب مفتاح الصلاة الطهور حديث (٢٧٥) والشافعي في الأم (١ / ١٠٠) كتاب الصلاة : باب ما يدخل به في الصلاة من التكبير ، وأحمد (١ / ١٢٣ ، ١٢٩) والدارمي (١ / ١٧٥) كتاب الوضوء : باب مفتاح الصلاة الطهور.