والكوفيون يجيزون ذلك ، وأيضا : فقد قرأ الحسن والأعمش (١) : «تستكثر» أيضا على إضمار «أن» ، كقولهم : «مره يحفرها».
وأبلغ من ذلك التصريح بأن في قراء عبد الله (٢) : «ولا تمنن أن تستكثر».
وقرأ الحسن (٣) ـ أيضا ـ وابن أبي عبلة تستكثر جزما ، وفيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يكون بدلا من الفعل قبله. كقوله : (يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ) ف «يضاعف» بدلا من «يلق» ؛ وكقوله : [الطويل]
٤٩٥٣ ـ متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا |
|
تجد حطبا جزلا ونارا تأجّجا (٤) |
ويكون من المنّ الذي في قوله تعالى : (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى) [البقرة : ٢٦٤].
الثاني : أن يشبه «ثرو» بعضد فيسكن تخفيفا. قاله الزمخشري.
يعني : أنه يأخذ من مجموع «تستكثر» [ومن الكلمة التي بعده وهو الواو ما يكون فيه شبها بعضد ، ألا ترى أنه قال : أن يشبه ثرو ، فأخذ بعض «تستكثر»] وهو الثاء ، والراء وحرف العطف من قوله : (وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ) ؛ وهذا كما قالوا في قول امرىء القيس : [السريع]
٤٩٥٤ ـ فاليوم أشرب غير مستحقب |
|
إثما من الله ولا واغل (٥) |
بتسكين «أشرب» ـ أنهم أخذوا من الكلمتين ربغ ك «عضد» ثم سكن.
وقد تقدم في سورة «يوسف» في قراءة قنبل : «من يتّقي» ، بثبوت الياء ، أن «من» موصولة ، فاعترض بجزم «يصبر»؟.
فأجيب بأنه شبه ب «رف» ، أخذوا الباء والراء من «يصبر» والفاء من «فإنّه» ، وهذه نظير تيك سواء.
الوجه الثالث : أن يعتبر حال الوقف ، ويجرى الوصل مجراه ، قاله الزمخشري أيضا.
يعني أنه مرفوع ، وإنما سكن تخفيفا ، أو أجري الوصل مجرى الوقف.
قال أبو حيان (٦) : «وهذان لا يجوز أن يحمل عليهما مع وجود أرجح منهما ، وهو البدل معنى وصناعة».
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٤ / ٦٤٦ ، والمحرر الوجيز ٥ / ٣٩٣ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٦٤ ، والدر المصون ٦ / ٤١٢.
(٢) ينظر : السابق.
(٣) ينظر السابق.
(٤) تقدم.
(٥) تقدم.
(٦) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٣٧٢.