قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٥) وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (٦) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٧) يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ)(٨)
قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ) الآية.
لما ذكر الجهاد ، بين أن موسى وعيسى أمرا بالتوحيد ، وجاهدا في سبيل الله ، وحل العقاب بمن خالفهما ، أي : واذكر لقومك يا محمد هذه القصة (١).
قوله : (لِمَ تُؤْذُونَنِي).
وذلك حين رموه بالأدرة ، كما تقدم في سورة الأحزاب.
ومن الأذى : ما ذكر في قصة قارون أنه دس إلى امرأة تدّعي على موسى الفجور ، ومن الأذى قولهم : (اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ) [الأعراف : ١٣٨] ، وقولهم : (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) [المائدة : ١٢٤] ، وقولهم : أنت قتلت هارون.
قوله : (وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ). جملة حالية (٢).
قال ابن الخطيب (٣) : و «قد» معناه : التوكيد ، كأنه قال : وتعلمون علما يقينا ، لا شبهة [لكم](٤) فيه.
وقوله : (إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ).
والمعنى : أنّ الرسول يحترم يقينا.
قوله : (فَلَمَّا زاغُوا) ، أي : مالوا عن الحق ، (أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) أي : أمالهم عن الهدى.
وقيل : (فَلَمَّا زاغُوا) عن الطاعة ، (أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) عن الهداية.
وقيل : (فَلَمَّا زاغُوا) عن الإيمان ، (أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) عن الثواب.
وقيل : لمّا تركوا ما أمروا به من احترام الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ وطاعة الرب ، «خلق» الله في قلوبهم الضلالة عقوبة لهم على فعلهم.
__________________
(١) ينظر الجامع لأحكام القرآن (١٨ / ٥٤).
(٢) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣١٠.
(٣) التفسير الكبير (٢٩ / ٢٧١).
(٤) سقط من أ.