وقيل : «كلّا» بمعنى «حقا» ، ويبتدىء بقوله «إنّه» يعني الوليد (كانَ لِآياتِنا عَنِيداً) ، أي : معاندا للنبي صلىاللهعليهوسلم وما جاء به.
قال الزمخشريّ : (إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا) استئناف جواب لسائل سأل : لم لا يزداد مالا ، وما باله ردع عن طبعه؟.
فأجيب بقوله : (إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً) ، انتهى.
فيكون كقوله صلىاللهعليهوسلم في الهرة : «إنّها ليست بنجس ، إنّها من الطوّافين عليكم» (١).
والعنيد : المعاند.
يقال : عاند فهو عنيد وعاند ، والمعاند : البعير الذي يجور عن الطريق ويعدل عن القصد ، والجمع : عند مثل : «راكع وركع» ، قاله أبو عبيدة ؛ وأنشد قول الحازميّ : [الرجز]
٤٩٥٩ ـ إذا ركبت فاجعلاني وسطا |
|
إنّي كبير لا أطيق العنّدا (٢) |
وقال أبو صالح : «عنيدا» معناه : مباعدا ؛ قال الشاعر : [الطويل]
٤٩٦٠ ـ أرانا على حال تفرّق بيننا |
|
نوى غربة إنّ الفراق عنود (٣) |
وقال قتادة : جاحدا (٤).
وقال مقاتل : معرضا (٥).
وقيل : إنه المجاهر بعداوته.
وعن مجاهد : أنه المجانب للحق (٦).
قال الجوهري : ورجل عنود : إذا كان لا يخالط الناس ، والعنيد من التجبر ، وعرق عاند : إذا لم يرقأ دمه ، وجمع العنيد عند مثل رغيف ورغف ، والعنود من الإبل : الذي لا يخالط الإبل إنما هو في ناحية ، والعنيد في معنى المعاند كالجليس والأكيل والعشير.
فصل في بيان فيما كانت المعاندة
في الآية إشارة إلى أنه كان يعاند في أمور كثيرة :
__________________
(١) تقدم.
(٢) ينظر المقتضب (١ / ٢١٨) ، وابن الشجري (١ / ٢٧٦) ، والاقتضاب ص ٤١٥ ، وشرح الجمل لابن عصفور ٢ / ٦٠٠ ، ومجاز القرآن ١ / ٢٩٠ ، والطبري ٢٩ / ٩٧ ، ومجمع البيان ١٠ / ٥٨٣ ، والقرطبي ١٨ / ٤٨.
(٣) ينظر اللسان (غرب) ، (وعند) ، والقرطبي (١٩ / ٤٨).
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٣٠٨).
(٥) ذكره الماوردي (٦ / ١٤١) والقرطبي (١٩ / ٤٨).
(٦) ينظر المصدر السابق.