الأول : أنه من قولهم : أثرت الحديث آثره ، أثرا ، إذا حدثت به عن قوم في آثارهم ، أي : بعدما ماتوا ، هذا هو الأصل ، ثم صار بمعنى الرواية عما كان.
والثاني : يؤثر على جميع السحر ، وهذا يكون من الإيثار.
وقال أبو سعيد الضرير : يؤثر ، أي : يورث.
قوله تعالى : (إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ) ، أي : هذا إلا كلام المخلوقين تختدع به القلوب كما يخدع بالسحر.
قال ابن الخطيب (١) : ولو كان الأمر كذلك لتمكنوا من معارضته إذ طريقتهم في معرفة اللغة متقاربة.
قال السديّ : يعني أنه من قول سيّار عبد لبني الحضرمي ، كان يجالس النبي صلىاللهعليهوسلم فنسبوه إلى أنه تعلم منه ذلك (٢).
وقيل : إنه أراد أنه تلقنه ممن ادعى النبوة قبله ، فنسج على منوالهم.
قال ابن الخطيب (٣) : وهذا الكلام يدل على أن الوليد كان يقول هذا الكلام عنادا ، لما روي في الحديث المتقدم : «أنه لما سمع من رسول الله صلىاللهعليهوسلم «حم» ثم خرج من عند النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : لقد سمعت من محمد كلاما ، ليس من كلام الجنّ ، ولا من كلام الإنس» الحديث ، فلمّا أقر بذلك في أول الأمر علمنا أن قوله ـ هاهنا ـ : (إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ) ، إنّما ذكره عنادا ، أو تمردا لا اعتقادا.
قوله تعالى : (سَأُصْلِيهِ سَقَرَ) ، هذا بدل من قوله تعالى : (سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً). قاله الزمخشري.
فإن كان المراد بالصعود : المشقة ، فالبدل واضح ، وإن كان المراد : صخرة في جهنم ـ كما جاء في التفسير ـ فيعسر البدل ، ويكون فيه شبه من بدل الاشتمال ، لأن جهنم مشتملة على تلك الصخرة.
فصل في معنى الآية
المعنى : سأدخله سقر كي يصلى حرها ، وإنما سميت «سقر» من سقرته الشمس : إذا أذابته ولوحته ، وأحرقت جلدة وجهه ، ولا ينصرف للتعريف والتأنيث قال ابن عباس : «سقر» اسم للطبقة السادسة من «جهنم» (٤).
(وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ). هذا مبالغة في وصفها ، أي : وما أعلمك أي شيء هي؟ وهي
__________________
(١) السابق.
(٢) ينظر الرازي ٣٠ / ١٧٧.
(٣) ينظر الفخر الرازي ٣٠ / ١٧٨.
(٤) ينظر الرازي ٣٠ / ١٧٧.