وقال الكلبي : قال المشركون : بلغنا أن الرجل من بني إسرائيل كان يصبح عند رأسه مكتوبا ذنبه وكفارته فأتنا بمثل ذلك (١).
قال ابن الخطيب (٢) : وهذا من الصّحف المنشّرة بمعزل.
وقيل المعنى : أن يذكر بذكر جميل ، فجعلت الصّحف موضع الذّكر مجازا ، فقالوا : إذا كانت ذنوب الإنسان تكتب عليه فما بالنا لا نرى ذلك؟!.
قوله : «منشّرة».
العامة : على التشديد ، من «نشّره» بالتضعيف.
وابن جبير (٣) : «منشرة» بالتخفيف ، و «نشّر ، وأنشر» بمنزلة «نزّل وأنزل» : والعامة أيضا على ضمّ الحاء من «صحف».
وابن جبير (٤) : على تسكينها.
قال أبو حيان (٥) : «والمحفوظ في الصحيفة والثوب : «نشر» مخففا ثلاثيا ، وهذا مردود بالقرآن المتواتر».
وقال أبو البقاء في قراءة ابن جبير : «من أنشرت ، إما بمعنى أمر بنشرها مثل ألحمت عرض فلان ، أو بمعنى منشورة ، مثل : أحمدت الرجل ، أو بمعنى : أنشر الله الميّت أي : أحياه ، فكأنه أحياها فيها بذكره».
قوله : (كَلَّا) ، أي : ليس يكون ذلك.
وقيل : حقّا ، والأول أجود ، لأنه ردّ لقولهم. ثم قال : (بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ) أي : لا أعطيهم ما يتمنّون لأنهم لا يخافون الآخرة فلذلك أعرضوا عن التأمّل اغترارا بالدنيا ؛ فإنه لمّا حصلت المعجزات الكثيرة في الدلالة على صحّة النبوة فطلب الزيادة يكون عبثا.
قوله : (كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ). أي : حقّا أنّ القرآن عظة.
وقيل : هذا ردع لهم عن إعراضهم عن التذكرة (إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ) بليغة (فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ) أي : اتعظ به ، وجعله نصب عينه.
والضمير في «إنه ، وذكره» للتذكرة في قوله تعالى : (فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) وإنما ذكّرا ؛ لأنهما في معنى الذّكر والقرآن.
__________________
(١) ينظر المصدر السابق.
(٢) ينظر الرازي ٣٠ / ١٨٧.
(٣) ينظر : الكشاف ٤ / ٦٥٦ ، والمحرر الوجيز ٥ / ٤٠٠ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٧٢.
(٤) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٤٠٠ ، والدر المصون ٦ / ٤٢٣.
(٥) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٣٨١.