وفي هذه اللام أوجه (١) :
أحدهما : أنّها مزيدة في مفعول الإرادة.
قال الزمخشري (٢) : أصله (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا) ، كما في سورة التوبة [٣٢] ، وكأنّ هذه اللام ، زيدت مع فعل الإرادة توكيدا له لما فيها من معنى الإرادة في قولك : جئت لإكرامك وفي قولك : «جئت لأكرمك» ، كما زيدت اللام في : «لا أبا لك» توكيدا لمعنى الإضافة في: «لا أباك».
وقال ابن عطية (٣) : «واللام في : «ليطفئوا» لام العلة مؤكدة ، ودخلت على المفعول ؛ لأن التقدير : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ) ، وأكثر ما تلزم هذه اللام إذا تقدم المفعول ، تقول: لزيد ضربت ، ولرؤيتك قصدت انتهى.
وهذا ليس مذهب سيبويه (٤) ، وجمهور النّاس ، ثم قول أبي محمد : «وأكثر ما يلزم» ليس بظاهر ؛ لأنه لا قول بلزومها ألبتة ، بل هي جائزة للزيادة ، وليس الأكثر أيضا زيادتها جوازا ، بل الأكثر عدمها.
الثاني : أنّها لام العلة والمفعول محذوف ، أي : يريدون إبطال القرآن ، أو دفع الإسلام ، أو هلاك الرسول صلىاللهعليهوسلم ليطفئوا.
الثالث : أنّها بمعنى : «أنّ» الناصبة ، وأنها ناصبة للفعل بنفسها.
قال الفرّاء : العرب تجعل «لام كي» في موضع : «أن» ، في «أراد وأمر» ، وإليه ذهب الكسائي أيضا.
وقد تقدم نحو من هذا في قوله : (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ) في سورة النساء [الآية : ٢٦].
فصل
قال ابن عباس وابن زيد رضي الله عنهما : المراد بنور الله ـ هاهنا ـ القرآن ، يريدون إبطاله ، وتكذيبه بالقول (٥).
وقال السديّ : الإسلام ، أي : يريدون (٦) دفعه بالكلام (٧).
وقال الضحاك : إنّه محمد صلىاللهعليهوسلم يريدون إهلاكه بالأراجيف (٨).
وقال ابن جريج : حجج الله ودلائله ، يريدون إبطالها بإنكارهم وتكذيبهم ، وقيل :
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣١١.
(٢) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٢٥.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣٠٣.
(٤) ينظر : الكتاب ١ / ٤١.
(٥) أخرجه الطبري في تفسيره (١٢ / ٨٣) عن ابن زيد.
(٦) في أ : يريدون إهلاكه.
(٧) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ٥٦).
(٨) ذكره الماوردي (٥ / ٥٣٠) والقرطبي (١٨ / ٥٦) عن الضحاك.