وتوجيهها : أن الأصل : «قرأته» فعلا ماضيا مسندا لضمير المخاطب ، أي : فإذا أردت قراءته ، ثم أبدل الهمزة ألفا لسكونها بعد فتحة ، ثم حذف الألف تخفيفا ، كقولهم : ولو ترى ما لصبيان ، و «ما» مزيدة ، فصار اللفظ «قرته».
فصل في لفظ الآية
قوله : (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ) أي بمقتضى الوعد عند أهل السنة ، وبمقتضى الحكمة عند المعتزلة. «جمعه» في صدرك «وقرآنه» أي : يعيده جبريل عليك حتى تحفظه وتقرأه بحيث لا تنساه ، فعلى الأول : القارىء جبريل عليك ، وعلى الثاني محمد صلىاللهعليهوسلم والمراد بقراءته : جمعه كقوله: [الوافر]
٤٩٩٥ ـ ............ |
|
... لم تقرأ جنينا(١) |
فيحمل الجمع على جمعه في الخارج ، والقرآن على جمعه في ذهنه وحفظه لئلا يلزم التكرار ، وأسند القراءة لله لأنها بأمره.
وقوله : (فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) قيل : حلاله وحرامه أو لا تقارئه بل اسكت حتّى يسكت جبريل فاقرأ أنت ، وهو أظهر ؛ لأن الآية تدلّ على أنه صلىاللهعليهوسلم كان يقرأ مع جبريل ، وكان يسأله في أثناء قراءته عن المشكلات فنهي عن الأول بقوله (فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) ، وعن الثاني بقوله : (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ).
قوله : (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) أي : تفسير ما فيه من الحدود والحلال والحرام. قاله قتادة. وقيل : (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) ما فيه من الوعد والوعيد.
وقيل : إنّ علينا أن نبينه بلسانك. والضمائر تعود على القرآن ، وإن لم يجر له ذكر.
وقوله : (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) يدل على أنّ بيان المجمل واجب على الله ـ تعالى ـ أما عند أهل السّنة فبالوعد والتفضل ، وإما عند المعتزلة فبالحكمة. والله أعلم.
فصل في الرد على من جوّز تأخير البيان عن وقت الخطاب
احتج من جوز تأخير البيان عن وقت الخطاب بهذه الآية.
وأجاب أبو الحسين عنه بوجهين :
__________________
(١) جزء بيت لعمرو بن كلثوم وتمامه :
ذراعي عيطل أدماء بكر |
|
هجان اللّون لم تقرأ جنينا |
ينظر اللسان (عطل) ، و (هجن) ، والطبري ٢٩ / ١١٨ ، والصحاح (عطل) و (هجن) ، والبحر ٨ / ٣٧٩.