والترقوة : أحد عظام الصدر. قاله أبو حيان (١) ، والمعروف غير ذلك.
قال الزمخشري : ولكل إنسان ترقوتان ، فعلى هذا يكون من باب : غليظ الحواجب وعريض المناكب.
وقال القرطبي (٢) : «هي العظام المكتنفة لنقرة النحر ، وهو مقدم الدّلق من أعلى الصدر ، وهو موضع الحشرجة».
قال دريد بن الصمّة : [الوافر]
٥٠٠٥ ـ وربّ عظيمة دافعت عنها |
|
وقد بلغت نفوسهم التّراقي (٣) |
وقال الراغب : «التّرقوة» : عظم وصل ما بين نقرة النحر والعاتق انتهى.
وقال الزمخشري : العظام المكتنفة لنقرة النحر عن يمين وشمال. ووزنها : «فعلوة» فالتاء أصل والواو زائدة ، يدل عليه إدخال أهل اللغة إياها في مادة «ترق».
وقال أبو البقاء والفراء : جمع ترقوة ، وهي «فعلوة» ، وليست ب «تفعلة» ، إذ ليس في الكلام «رقو».
وقرىء (٤) : «التراقي» بسكون ، وهي كقراءة زيد : (تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) [المائدة : ٨٩] وقد تقدم توجيهها.
وقد يكنى ببلوغ النفس التراقي عن الإشفاء على الموت والمقصود تذكيرهم شدة الحال عند نزول الموت.
فصل في الرد على من طعن في الآية
قال ابن الخطيب (٥) : قال بعض الطّاعنين : إن النفس إنما تصل إلى التراقي بعد مفارقتها للقلب ومتى فارقت النفس القلب حصل الموت لا محالة ، والآية تدل على أن عند بلوغها التراقي تبقى الحياة حتى يقال فيه : من راق وحتى تلتف الساق بالساق ، والجواب : أن المراد من قوله : «حتّى (إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ») ، أي : إذا حصل بالقرب من تلك الحالة.
قوله : (مَنْ راقٍ) مبتدأ وخبر ، وهذه الجملة هي القائمة مقام الفاعل ، وأصول البصريين تقتضي ألا يكون ؛ لأن الفاعل عندهم لا يكون جملة ، بل القائم مقامه ضمير المصدر وقد تقدم تحقيق هذا في البقرة.
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٣٨٢.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ٧٢.
(٣) قيل البيت لدريد بن الصّمة ، وقيل لابنته عمرة ترثي أباها ، وقيل لذي الرمة.
ينظر مجمع البيان ١٠ / ٦٠٥ ، والقرطبي ١٩ / ٧٢ ، والبحر ٨ / ٣٧٤ ، والدر المصون ٦ / ٤٣٢.
(٤) ينظر : الدر المصون ٦ / ٤٣٢.
(٥) ينظر : الفخر الرازي ٣٠ / ٢٠٤.