وأما قوله : تقديرا ؛ فإن بعض الناس جوز الإدغام في ذلك ، وقراءته (١) أن يحيّ ، وذلك أنه لما أراد الإدغام نقل حركة الياء الأولى إلى الحاء فأدغمها فالتقى ساكنان ، الحاء لأنها ساكنة في الأصل قبل النقل إليها والياء ؛ لأن حركتها نقلت من عليها إلى الحاء ؛ واستشهد الفراء لهذه القراءة بقول الشاعر : [الكامل]
٥٠١٨ ـ تمشي بسدّة بيتها فتعيّ (٢)
وأما أهل «البصرة» فلا يدغمونه ألبتة قالوا : لأن حركة الياء عارضة إذ هي للإعراب.
وقال مكي : وقد أجمعوا على عدم الإدغام في حال الرفع ، وأما في حال النصب فقد أجازه الفرّاء لأجل تحرك الياء الثانية ، وهو لا يجوز عند البصريين ، لأن الحركة عارضة.
قال شهاب الدين (٣) : ادعاؤه الإجماع مردود بالبيت الذي تقدم إنشاده عن الفراء ، وهو قوله : «فتعيّ» فهذا مرفوع وقد أدغم ، ولا يبعد ذلك لأنه لما أدغم ظهرت تلك الحركة لسكون ما قبل الياء بالإدغام».
فصل في معنى الآية
المعنى الذي قدر على خلق هذه النسمة من قطرة ماء قادر على أن يحيي الموتى أي : أن يعيد هذه الأجسام كهيئتها للبعث بعد البلى.
روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنّه كان إذا قرأها ، قال : «سبحانك اللهمّ وبلى» (٤).
وقال ابن عباس : من قرأ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) إماما كان أو غيره فليقل : «سبحان ربّي الأعلى» ومن قرأ : (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) إلى آخرها فليقل : سبحانك اللهم بلى ، إماما كان أو غير (٥).
روى الثعلبي عن أبيّ بن كعب ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من قرأ سورة القيامة شهدت أنا وجبريل له يوم القيامة أنه كان مؤمنا بيوم القيامة وجاء ووجهه يسفر عن وجوه الخلائق يوم القيامة» (٦). والله أعلم وأحكم.
تمّ الجزء التّاسع عشر ، ويليه الجزء العشرون
وأوّله : تفسير سورة الإنسان
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٣٨٢ ، والدر المصون ٦ / ٤٣٥.
(٢) تقدم.
(٣) الدر المصون ٦ / ٤٣٥.
(٤) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٧٩) وعزاه إلى ابن مردويه.
(٥) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٧٩) وعزاه إلى ابن أبي حاتم وابن المنذر.
(٦) تقدم تخريجه.