أحدها : أنها منصوبة على الاختصاص.
الثاني : أن ينتصبن على المصدرية ، أي : ينصرون نصرا ، ويفتح لهم فتحا قريبا.
الثالث : أن ينتصبن على البدل من «أخرى» ، و «أخرى» منصوبة بمقدر كما تقدم ، أي يغفر لكم ويدخلكم جنات ويؤتكم أخرى ، ثم أبدل منها نصرا وفتحا قريبا.
فصل في معنى الآية (١)
ومعنى الآية أي : ولكم نصر من الله (وَفَتْحٌ قَرِيبٌ) ، أي : غنيمة في عاجل الدنيا قبل فتح مكة. وقال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ يريد فتح فارس والروم (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) برضا الله عنهم (٢).
وقال البغوي : (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) يا محمد بالنصر في الدنيا والجنة في الآخرة.
ثم حضهم على نصر المؤمنين وجهاد المخالفين ، فقال :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ)(١٤)
أي : كونوا حواريّي نبيكم ليظهركم الله على من خالفكم كما أظهر حواريّي عيسى على من خالفهم (٣).
قوله : (أَنْصارَ اللهِ).
قرأ نافع (٤) وابن كثير وأبو عمرو : «أنصارا» ، منونا «لله» جارا ومجرورا.
والباقون : «أنصار» غير منوّن ، بل مضافا للجلالة الكريمة.
والرسم يحتمل القراءتين معا ، واللام يحتمل أن تكون مزيدة في المفعول للتقوية لكون العامل فرعا ، إذ الأصل (أَنْصارَ اللهِ) وأن تكون غير مزيدة ، ويكون الجار والمجرور نعتا ل «أنصار». والأول أظهر.
وأما القراءة على الإضافة ففرع الأصل المذكور ، ويؤيد قراءة الإضافة الإجماع عليها في قوله تعالى : (نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ) ولم يتصور جريان الخلاف هنا ، لأنه مرسوم بالألف (٥).
__________________
(١) ينظر : القرطبي ١٨ / ٥٨.
(٢) ينظر : تفسير القرطبي (١٨ / ٥٨).
(٣) ينظر : القرطبي (١٨ / ٥٨).
(٤) ينظر : السبعة ٦٣٥ ، والحجة ٦ / ٢٩٠ ، وإعراب القراءات ٢ / ٣٦٥ ، وحجة القراءات ٧٠٨ ، ٧٠٩ ، والعنوان ١٩٠ ، وشرح الطيبة ٦ / ٥٣ ، وشرح شعلة ٦٠٢ ، وإتحاف ٢ / ٥٣٧.
(٥) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣١٤.