الَّذِينَ آمَنُوا) ، ثمّ خصه بالنّداء وإن كان قد دخل في عموم قوله تعالى : (وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى (١) الصَّلاةِ) [المائدة : ٥٨] ليدلّ على وجوبه وتأكيد فرضه (١).
وقال بعض العلماء : كون الصّلاة الجمعة هاهنا معلوم بالإجماع لا من نفس اللفظ.
وقال ابن العربي (٢) : «وعندي أنه معلوم من نفس اللفظ بنكتة ، وهي قوله : (مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) وذلك يفيده لأن النداء الذي يختصّ بذلك اليوم هو نداء تلك الصلاة ، وأما غيرها فهو عام في سائر الأيام ، ولو لم يكن المراد به نداء الجمعة لما كان لتخصيصه بها وإضافته إليها معنى ولا فائدة».
فصل
كان الأذان على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم كما في سائر الصلوات مؤذن واحد إذا جلس النبيصلىاللهعليهوسلم على المنبر أذن مؤذن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكذلك فعل أبو بكر وعمر وعلي ب «الكوفة» ثم زاد عثمان أذانا ثانيا على داره التي تسمى الزوراء حين كثر الناس بالمدينة ، فإذا سمعوا أقبلوا حتى إذا جلس عثمان على المنبر أذّن مؤذن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم يخطب عثمان. أخرجه ابن ماجه في سننه(٣).
وقال الماوردي (٤) : فأما الأذان الأول فمحدث ، فعله عثمان بن عفّان ليتأهب النّاس لحضور الخطبة عند اتساع «المدينة» وكثرة أهلها ، وقد كان عمر ـ رضي الله عنه ـ أمر أن يؤذن في السوق قبل المسجد ليقوم الناس عن بيوعهم ، فإذا اجتمعوا أذن في المسجد فجعله عثمان ـ رضي الله عنه ـ أذانين في المسجد.
قال ابن العربي (٥) : وفي الحديث الصحيح : أن الأذان كان على عهد رسول اللهصلىاللهعليهوسلم واحدا ، فلما كان زمن عثمان زاد النداء الثالث على الزوراء ، وسماه في الحديث (٦) : ثالثا ، لأنه إضافة إلى الإقامة ، لقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ «بين كلّ أذانين صلاة لمن شاء» يعني الأذان والإقامة.
وتوهّم بعض الناس أنه أذان أصلي ، فجعلوا المؤذنين ثلاثة ، فكان وهما ، ثم جمعوهم في وقت واحد فكان وهما على وهم (٧).
قوله : (فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ).
__________________
(١) ينظر : القرطبي ١٨ / ٦٦.
(٢) ينظر : أحكام القرآن ٤ / ٣٨٠٤.
(٣) أخرجه ابن ماجه (١ / ٣٥٩) كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها باب : ما جاء في الأذان يوم الجمعة (١١٣٥).
(٤) ينظر : النكت والعيون ٦ / ٩.
(٥) ينظر : أحكام القرآن ٤ / ١٨٠٣.
(٦) تقدم.
(٧) ينظر : القرطبي ١٨ / ٦٦.