٤٧٦٩ ـ أسعى على جدّ بني مالك |
|
كلّ امرىء في شأنه ساع (١) |
فهل يحتمل السعي في هذا البيت المضي والانكماش ، ومحال أن يخفى هذا المعنى على ابن مسعود وعلى فصاحته وإتقان عربيته.
قال القرطبي (٢) : وما يدلّ على أن المراد هنا العدو ، قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «إذا أقيمت الصّلاة فلا تأتونا وأنتم تسعون ولكن ائتوها وعليكم السّكينة» (٣).
قال الحسن رضي الله عنه : أما والله ما هو بالسّعي على الأقدام ، ولقد نهوا أن يأتوا الصّلاة إلا وعليهم السكينة والوقار ، ولكن بالقلوب والنية والخشوع.
وقال قتادة : السعي أن تسعى بقلبك وعملك (٤).
فصل في أن الآية خطاب للمكلفين
هذه الآية خطاب للمكلفين [بالإجماع](٥) ويخرج منه المرضى والزمنى والمسافرون والعبيد والنساء بالدليل والعميان والشيخ الذي لا يمشي إلا بقائد عند أبي حنيفة (٦).
لما روى الدار قطني عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة إلّا مريض أو مسافر أو امرأة أو صبيّ أو مملوك ، فمن استغنى بلهو أو تجارة استغنى الله ـ عزوجل ـ عنه ، (وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)(٧).
قال العلماء رضي الله عنهم : لا يتخلف أحد عن الجمعة ممن عليه إتيانها إلا بعذر لا يمكنه معه الإتيان إليها كالمرض الحابس أو خوف الزيادة في المرض أو خوف جور
__________________
(١) يروى جل مكان جد.
ينظر : القرطبي ١٨ / ٦٧ ، واللسان (سعى).
(٢) الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ٦٧.
(٣) تقدم.
(٤) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٣٢٨) وعزاه إلى عبد بن حميد والبيهقي في «شعب الإيمان» عن قتادة.
(٥) في أ : بالجمعة.
(٦) الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ٦٨.
(٧) أخرجه الدار قطني (٢ / ٣) كتاب الجمعة ، باب : من تجب عليه الجمعة رقم (١) والبيهقي (٣ / ١٨٤) من طريق ابن لهيعة ثني معاذ بن محمد الأنصاري عن أبي الزبير عن جابر به.
قال شمس الحق آبادي في «التعليق المغني» : وفيه ابن لهيعة عن معاذ بن محمد الأنصاري وهما ضعيفان.
وللحديث شاهد من حديث طارق بن شهاب مرسلا ، أخرجه أبو داود (١٠٥٦) والدار قطني (٢ / ٣) والبيهقي (٣ / ١٨٣) وقال البيهقي : هذا الحديث وإن كان فيه إرسال فهو مرسل جيد فطارق من خيار التابعين وممن رأى النبي صلىاللهعليهوسلم وإن لم يسمع منه ولحديثه هذا شواهد.