وقيل : الخطبة والمواعظ. قاله سعيد بن جبير.
قال ابن العربي (١) : والصحيح أنه واجب في الجميع ؛ لأنها تحرم البيع ، ولو لا وجوبها ما حرمته ؛ لأن المستحبّ لا يحرم المباح.
قال القرطبي (٢) : وإذا قلنا : إنّ المراد بالذّكر الصّلاة فالخطبة من الصّلاة ، والعبد يكون ذاكرا لله بقلبه كما يكون مسبحا لله بفعله.
قال الزمخشري (٣) : «فإن قلت : كيف يفسر ذكر الله بالخطبة وفيها غير ذلك؟.
قلت : ما كان من ذكر رسول الله والثناء عليه وعلى خلفائه الراشدين وأتقياء المؤمنين والموعظة والتذكير ، فهو في حكم ذكر الله ، فأما ما عدا ذلك من ذكر الظلمة وألقابهم والثناء عليهم والدعاء لهم وهم أحقاء بعكس ذلك».
فصل في السفر يوم الجمعة
ذهب بعضهم إلى أنه إذا أصبح يوم الجمعة مقيما فلا يسافر حتى يصلي الجمعة ، وذهب بعضهم إلى الجواز ، لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال : بعث النبي صلىاللهعليهوسلم عبد الله بن رواحة في سرية فوافق ذلك يوم الجمعة ، فغدا أصحابه وقال أتخلف فأصلي مع رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ثم ألحقهم ، فلما صلى مع النبي صلىاللهعليهوسلم رآه فقال : «ما منعك أن تغدو مع أصحابك» ، قال: أردت أن أصلي معك ثم ألحقهم ، فقال : «لو أنفقت ما في الأرض ما أدركت» (٤) فصلى غدوتهم.
وسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا عليه أهبة السفر ، يقول : لو لا أن اليوم الجمعة لخرجت ، فقال له عمر : اخرج فإن الجمعة لا تحبس عن سفر (٥).
قوله : (وَذَرُوا الْبَيْعَ).
يدل على تحريم البيع في وقت الجمعة على من كان مخاطبا بفرضها ، والبيع لا
__________________
(١) ينظر : أحكام القرآن ٤ / ١٨٠٥.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ٧٠.
(٣) الكشاف ٤ / ٥٣٥.
(٤) أخرجه الترمذي ٢ / ٤٠٥ ـ ٤٠٦ ، في كتاب الصلاة ، باب : ما جاء في السفر يوم الجمعة (٥٢٧) ، وقال حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ورواه أحمد مختصرا ١ / ٢٥٦ ، (٢٣١٧) ، من طريق أبي خالد الأحمر عن حجاج عن الحكم. ورواه البيهقي في السنن الكبرى ٣ / ١٨٧ من طريق الحسن بن عياش عن الحجاج. ورواه أيضا حماد بن سلمة وأبو معاوية عن حجاج بن أرطأة والحجاج ينفرد به وللحديث شاهد بإسناد جيد يدل على صحة رواية الحجاج والحكم عن مقسم فقد رواه ابن عبد الحكم في فتوح مصر (ص ٢٩٨) ، من طريق ابن لهيعة عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
(٥) أخرجه الشافعي (١ / ١٥٤) وذكره البغوي في «شرح السنة» (٢ / ٥٦٥.