قال شهاب الدين (١) : كأنه يستبعد هذا القول من حيث إنّ نظائره لا تجمع على «أفعال» إذ لا يقال : «خضر ولا حمر» ، وإن كانا جمعين ل «أحمر وحمراء ، وأخضر وخضراء» ، وهذا غير لازم ؛ لأن جمع الجمع لا ينقاس ، ويكفي أن يكون له نظير في المفردات ، كما رأيت من أن «لفّاء» صار يضارع «فعلاء» ، ولهذا امتنعوا من تكسير «مفاعل ومفاعيل» لعدم نظيره في المفردات يحملان عليه.
الخامس : قال الزمخشريّ : «ولو قيل : هو جمع : «ملتفّة» بتقدير حذف الزوائد لكان قولا وجيها».
وهذا تكلّف لا حاجة إليه.
وأيضا : فغالب عبارات النحاة في حذف الزوائد إنما هو في التصغير ، يقولون : تصغير الترخيم بحذف الزوائد ، وفي المصادر يقولون : هذا المصدر على حذف الزوائد.
قال القرطبي (٢) : ويقال : شجرة لفّاء ، وشجر لفّ ، وامرأة لفّاء : أي : غليظة السّاق مجتمعة اللحم.
وقيل : التقدير : ونخرج به جنّات ألفافا ، ثم حذف لدلالة الكلام عليه.
قوله تعالى : (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً (١٧) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً (١٨) وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً (١٩) وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً)(٢٠)
قوله تعالى : (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً). أي : وقتا ومجمعا وميعادا للأولين والآخرين ؛ لما وعد الله الجزاء والثواب ، وسمّي يوم الفصل ؛ لأنّ الله ـ تعالى ـ يفصل فيه بين خلقه.
قوله : (يَوْمَ يُنْفَخُ). يجوز أن يكون بدلا من «يوم الفصل» ، أو عطف بيان له ، أو منصوبا بإضمار «أعني».
و «أفواجا» حال من فاعل «تأتون».
وقرأ أبو عياض (٣) : «في الصّور» بفتح الواو وتقدم مثله.
فصل في النفخة الآخرة
هذا النفخ هو النفخة الأخيرة التي عندها يكون الحشر ، وهذا هو النفخ للأرواح.
وقيل : هو قرن ينفخ فيه للبعث.
__________________
(١) ينظر الدر المصون ٦ / ٤٦٣.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ١١٤.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٤٢٥ ، والبحر المحيط ٨ / ٤٠٤ ، والدر المصون ٦ / ٤٦٤.