وقيل : ترصد كلّ منافق وكافر.
فصل
دلت الآية على أنّ جهنم كانت مخلوقة لقوله تعالى أن جهنم كانت مرصادا وإذا كان كذلك كانت الجنة لعدم الفارق.
قوله : (لِلطَّاغِينَ) يجوز أن يكون صفة ل «مرصادا» ، وأن يكون حالا من «مآبا» كان صفته فلما تقدّم نصب على الحال ، وعلى هذين الوجهين يتعلق بمحذوف ، ويجوز أن يكون متعلقا بنفس «مرصادا» ، أو بنفس «مآبا» ؛ لأنه بمعنى مرجع.
قال ابن الخطيب (١) : إن قيل بأن : «مرصادا» للكافرين فقط ، كان قوله : «للطّاغين» من تمام ما قبله ، والتقدير : كانت مرصادا للطّاغين ، ثم قوله : «مآبا» يدل قوله : «مرصادا» ، وإن قيل : إنّ مرصادا مطلقا للكفّار والمؤمنين كان قوله تعالى : (إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً) كلاما تاما وقوله تعالى : (لِلطَّاغِينَ مَآباً) كلاما مبتدأ ، كأنه قيل : إنّ جهنّم كانت مرصادا للكل ، و «مآبا» للطّاغين خاصّة ، فمن ذهب إلى القول الأول لم يقف على قوله : «مرصاد» ومن ذهب إلى القول الثاني وقف عليه.
قال القرطبيّ (٢) : (لِلطَّاغِينَ مَآباً) بدل من قوله : «مرصادا» ، والمآب : المرجع ، أي: مرجعا يرجعون إليه ، يقال : آب يئوب أوبة : إذا رجع.
وقال قتادة : مأوى ومنزلا (٣) ، والمراد بالطاغين من طغى في دينه بالكفر ودنياه بالظلم.
قوله : (لابِثِينَ). منصوب على الحال من الضمير المستتر في «للطاغين» ، وفي حال مقدرة.
وقرأ حمزة (٤) : «لبثين» دون ألف.
والباقون : «لابثين» بألف.
وضعف مكي قراءة حمزة ، قال : ومن قرأ : «لبثين» شبهه بما هو خلقة في الإنسان نحو حذر وفرق ، وهو بعيد ؛ لأن اللبث ليس مما يكون خلقة في الإنسان وباب فعل إنما يكون لما هو خلقة في الإنسان. وليس اللبس بخلقة.
ورجّح الزمخشري قراءة حمزة ، فقال : «قرأ : لابثين «ولبثين» واللبث أقوى ؛ لأن
__________________
(١) ينظر : السابق ٣١ / ١٣.
(٢) ينظر الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ١١٦.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٤٠٣) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٠١) ، وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٤) ينظر : السبعة ٦٦٩ ، والحجة ٦ / ٣٦٩ ، وإعراب القراءات ٢ / ٤٣١ ، وحجة القراءات ٧٤٥.