وقال الثّوري : السّاهرة : أرض «الشّام».
وقال وهب بن منبه : جبل بيت المقدس.
وقال عثمان بن أبي العاتكة : إنّه اسم مكان من الأرض بعينه ، ب «الشام» ، وهو الصقع الذي بين جبل «أريحا» ، وجبل «حسّان» يمدّه الله كيف يشاء.
وقال قتادة : هي جهنّم (١) ، أي : فإذا هؤلاء الكفّار في جهنّم ، وإنّما قيل لها : ساهرة ؛ لأنّهم لا ينامون عليها حينئذ.
وقيل : السّاهرة بمعنى : الصحراء على شفير جهنّم ، أي : يوقفون بأرض القيامة ، فيدوم السهر حينئذ.
قوله تعالى : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (١٥) إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (١٦) اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (١٧) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى (١٨) وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى (١٩) فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى (٢٠) فَكَذَّبَ وَعَصى (٢١) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى (٢٢) فَحَشَرَ فَنادى (٢٣) فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى (٢٤) فَأَخَذَهُ اللهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى (٢٥) إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى)(٢٦)
قوله تعالى : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى) أي : قد جاءك وبلغك ، وهذه تسلية للنبيصلىاللهعليهوسلم ، أي : أنّ فرعون كان أقوى من كفار عصرك ، ثمّ أخذناه ، وكذلك هؤلاء.
وقيل : «هل» بمعنى : «ما» أي : ما أتاك ، ولكنّي أخبرك به ، فإنّ فيه عبرة لمن يخشى.
وقال ابن الخطيب (٢) : قوله : «هل أتاك» يحتمل أن يكون معناه : أليس قد أتاك حديث موسى ، هذا إن كان قد أتاه ذلك قبل هذا الكلام ، أمّا إن لم يكن قد أتاه ، فقد يجوز أن يقال : «هل أتاك» أي : أنا أخبرك وتقدم الكلام على موسى وفرعون فإنّ فيه عبرة لمن يخشى.
قوله : (إِذْ ناداهُ رَبُّهُ) منصوب ب «حديث» لا ب «أتاك» ؛ لاختلاف وقتيهما ، وتقدم الخلاف بين القراء في «طوى» في سورة «طه : ١٢».
و «الوادي المقدس» : المبارك المطهّر.
قال الفراء : «طوى» واد بين «المدينة» و «مصر» ، قال : وهو معدول ، من «طاو» ، كما عدل «عمر» من «عامر».
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٤٣١) ، عن قتادة وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥١٢) ، وعزاه إلى ابن المنذر.
وينظر تفسير الماوردي (٦ / ١٩٧) ، والبغوي (٤ / ٤٤٤) ، والقرطبي (١٩ / ١٣٠).
(٢) ينظر : الفخر الرازي ٣١ / ٣٦.