٥٠٩٨ ـ فهل لكم فيها إليّ فإنّني |
|
بصير بما أعيا النّطاسيّ حذيما (١) |
وقال أبو البقاء (٢) : لمّا كان المعنى : أدعوك ، جاء ب «إلى».
وقال غيره : يقال : هل لك في كذا ، هل لك إلى كذا كما تقول : هل ترغب فيه وهل ترغب إليه؟.
قال الواحدي : المبتدأ محذوف في اللفظ ، مراد في المعنى ، والتقدير : هل لك إلى أن تزكّى حاجة.
وقرأ نافع وابن كثير (٣) : بتشديد الزاي من «تزّكّى» والأصل تتزكى ، وكذلك «تصدّى» في السورة تحتها ، فالحرميان : أدغما ، والباقون : حذفوا ، نحو تنزل ، وتقدّم الخلاف في أيتهما المحذوفة.
فصل في تفسير الآية
معنى (هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى) أي : تسلم فتطهر من الذّنوب.
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ هل لك إلى أن تشهد أن لا إله إلا الله.
و (أَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى) أي : تخافه وتتقيه (٤).
قال ابن الخطيب (٥) : سائر الآيات تدل على أنه ـ تعالى ـ لمّا نادى موسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ ذكر له أشياء كثيرة ، كقوله تعالى في سورة «طه» : (نُودِيَ يا مُوسى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ) إلى قوله : (لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى) [طه : ٢٣ ، ٢٤].
فدلّ [قوله تعالى ـ هاهنا ـ : (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى)](٦) أنه من جملة ما ناداه به [لا كل ما ناداه به](٧) ، وأيضا فليس الغرض أنّه صلىاللهعليهوسلم كان مبعوثا إلى فرعون فقط بل إلى كل من كان في الطور ، إلّا أنّه خصّه بالذّكر ، لأنّ دعوته جارية مجرى دعوة كلّ القوم.
فصل في كلام المعتزلة
تمسّك المعتزلة (٨) بهذه الآية في إبطال القول بأن الله ـ تعالى ـ يخلق فعل العبد ،
__________________
(١) البيت لأوس بن حجر ينظر ديوانه ص ١١١ ، وخزانة الأدب ٤ / ٣٧٠ ، ٣٧٢ ، ٣٧٣ ، ٣٧٦ ، وشرح شواهد الشافية ص ١١٦ ، ١١٧ ، واللسان (نطس) ، و(خدم) ، وجمهرة اللغة ص ٨٣٨ ، ١٣٢٧ ، والخصائص ٢ / ٤٥٣ ، وشرح المفصل ٣ / ٢٥ ، وضرائر الشعر ص ١٦٧.
(٢) ينظر : الإملاء ٢ / ٢٨٠.
(٣) ينظر : السبعة ٦٧١ ، والحجة ٦ / ٣٧٤ ، وإعراب القراءات ٢ / ٤٣٦ ، وحجة القراءات ٧٤٩.
(٤) ينظر المصدر السابق ، وقد روي معناه عن عكرمة ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥١٣) ، وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٥) ينظر : الفخر الرازي ٣١ / ٣٦.
(٦) سقط من : أ.
(٧) سقط من : أ.
(٨) ينظر : الفخر الرازي ٣١ / ٣٧.