وروي عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «خلقتم من سبع ، ورزقتم من سبع فاسجدوا لله على سبع»(١).
وإنما أراد بقوله عليه الصلاة والسلام : «خلقتم من سبع» يعني : (مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ) [الحج : ٥] الآية.
والرزق من سبع ، وهو قوله تعالى : (فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا وَعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً) إلى قوله «وفاكهة» ثم قال : «وأبّا» وهو يدل على أنه ليس برزق لابن آدم ، وأنّه مما تختص به البهائم ، والله أعلم.
قوله : (مَتاعاً لَكُمْ) : نصب على المصدر المؤكد ؛ لأن إنبات هذه الأشياء متاع لجميع الحيوانات ، واعلم أنه ـ تعالى ـ لما ذكر ما يغتدي به الناس والحيوان ، قال جل من قائل : (مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ).
قال الفراء : جعلناه منفعة لكم ومتعة لكم ولأنعامكم ، وهذا مثل ضربه الله لبعث الموتى من قبورهم ، كنبات الزرع بعد دثوره كما تقدم بيانه في غير موضع.
قوله تعالى : (فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ (٣٣) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (٣٦) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (٣٧) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (٣٨) ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (٣٩) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ (٤٠) تَرْهَقُها قَتَرَةٌ (٤١) أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ) (٤٢)
قوله تعالى : (فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ) : وهي الصّيحة التي تصخّ الآذان ، أي : تصمها لشدة وقعتها.
وقيل : هي مأخوذة من صخّه بالحجر أي : صكّه به.
وقال الزمخشري (٢) : «صخّ لحديثه مثل أصاخ له ، فوصفت النفخة بالصاخّة مجازا ؛ لأن النّاس يصخّون لها».
وقال ابن العربي : الصاخّة : التي تورث الصّمم ، وإنّها لمسمعة ، وهذا من بديع الفصاحة ؛ كقول الشاعر : [البسيط]
٥١١٤ ـ أصمّني سرّهم أيّام فرقتهم |
|
فهل سمعتم بسرّ يورث الصّمما (٣) |
وقال آخر : [الطويل]
__________________
(١) ينظر تفسير القرطبي (١٩ / ١٤٥.
(٢) ينظر الكشاف ٤ / ٧٠٥.
(٣) ينظر القرطبي ١٩ / ١٤٦ ، والبحر ٨ / ٤٢١ ، والدر المصون ٦ / ٤٨٢.