احتج بهذه الآية من قال : إن النار مخلوقة الآن ؛ لأنه يدل على أنّ سعيرها معلّق بيوم القيامة.
قوله تعالى : (وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ) ، أي : أدنيت وقرّبت من المتّقين.
قال الحسن ـ رضي الله عنه ـ [إنهم يقربون منها لا أنها تزول عن موضعها.
وقال عبد الله بن زيد](١) : زيّنت ، والزّلفى في كلام العرب : القربة.
قوله تعالى : (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ) ، هذا جواب «إذا» أوّل السّورة وما عطف عليها ، والمعنى : ما عملت من خير وشرّ.
وروي عن ابن عباس وعمر ـ رضي الله عنهما ـ أنهما قرآها ، فلما بلغا (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ) قالا : لهذا أجريت القصّة.
قال ابن الخطيب : ومعلوم أنّ العمل لا يمكن إحضاره ، فالمراد : إذا ما أحضرته في صحائفها ، أو ما أحضرته عند المحاسبة ، وعند الميزان من آثار تلك الأعمال ، أو المراد : ما أحضرت من استحقاق الجنّة والنّار ، فإنّ كلّ نفس تعلم ما أحضرت ، لقوله تعالى : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً) [آل عمران : ٣٠].
والتنكير في قوله : «نفس» من عكس كلامهم الذي يقصدون به المبالغة ، وإن كان اللفظ موضوعا للتقليل ، لقوله تعالى : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) [الحجر : ٢] ، أو يكون المراد : أنّ الكفار كانوا يتعبون أنفسهم فيما يظنونه طاعة ، ثم يظهر لهم في القيامة خلاف ذلك.
قوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوارِ الْكُنَّسِ (١٦) وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ (١٧) وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ (١٨) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠) مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (٢١) وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (٢٢) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (٢٣) وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (٢٤) وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ)(٢٥)
قوله : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ) ، أي : «أقسم» ، و «لا» زائدة ، كما تقدم.
«والخنّس» : جمع خانس ، والخنوس : الانقباض ، يقال : خنس بين القوم ، وانخنس.
وفي الحديث : «فانخنست» ، أي : استخفيت. يقال : خنس عنه يخنس ـ بالضم ـ خنوسا.
__________________
(١) سقط من : ب.