ولا حاجة إلى ذلك ألبتّة لأنه ظرف مكان مبهم لا مختص.
فصل في تفسير الآية
قال قتادة : فإلى أين تعدلون عن هذا القول ، وعن طاعته (١).
وقال الزجاج : فأي طريق تسلكون أبين من هذه الطريقة التي بيّنت لكم.
ويقال : أين تذهب وإلى أين تذهب.
وحكى الفراء عن العرب : ذهبت «الشام» ، وخرجت «العراق» ، وانطلقت السوق ، أي : إليها ؛ وأنشد لبعض بني عقيل : [الوافر]
٥١٢٤ ـ تصيح بنا حنيفة إذ رأتنا |
|
وأيّ الأرض تذهب للصّياح (٢) |
يريد : إلى أيّ أرض تذهب ، فحذف «إلى».
قوله : (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ) ، يعني : القرآن ذكر للعالمين ، أي : موعظة ، وزجر. و «إن» بمعنى : «ما».
وقيل : ما محمد إلا ذكر.
قوله : (لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ) بدل من «للعالمين» بإعادة العامل ، وعلى هذا فقوله : (أَنْ يَسْتَقِيمَ) : مفعول «شاء» أي : لمن شاء الاستقامة ، ويجوز أن يكون «لمن شاء» خبرا مقدما ، ومفعول شاء محذوف ، وأن يستقيم مبتدأ ، وتقدم نظيره والمعنى : لمن شاء منكم أن يستقيم.
قال أبو جهل : الأمر إلينا إن شئنا استقمنا ، وإن شئنا لم نستقم وهذا هو القدر ، وهو رأس القدرية ، فنزلت : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) ، فبين بهذا أنه لا يعمل العبد خيرا إلا بتوفيق الله تعالى ، ولا شرّا إلا بخذلانه.
قوله : (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) ، أي : إلا وقت مشيئة الله تعالى.
وقال مكيّ : «أن» في موضع خفض بإضمار «الباء» ، أو في موضع نصب بحذف الخافض.
يعني : أن الأصل «إلا بأن» ، وحينئذ تكون للمصاحبة.
فصل في تفسير الآية
قال الحسن : والله ما شاءت العرب الإسلام حتى شاء الله تعالى لها (٣).
__________________
(١) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٩ / ١٥٨).
(٢) ينظر معاني القرآن ٣ / ٢٤٣ ، والقرطبي ١٩ / ١٥٨.
(٣) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٩ / ١٥٨).