فعليّ كذا وكذا ، واختلفوا فيما إذا علق ذلك بما ليس من وجوه البر كقوله : إن أتى فلان الدّار فعلي هذا ، فمنهم من جعله كاليمين ، ومنهم من جعله من باب النذور.
فصل في المراد بالإيفاء بالنذر
قال القشيري : روى أشهب عن مالك ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) هو نذر العتق ، والصيام والصلاة.
وروى عنه أبو بكر بن عبد العزيز قال : قال مالك : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) قال : النذر هو اليمين.
قال ابن الخطيب (١) : هذه الآية تدلّ على وجوب الوفاء بالنذر ؛ لأنه تعالى قال عقيبه : (وَيَخافُونَ يَوْماً) ، وهذا يقتضي أنهم إنما وفّوا بالنذر خوفا من شر ذلك اليوم ، والخوف من شر ذلك اليوم لا يتحقق إلا إذا كان الوفاء به واجبا ويؤكده قوله تعالى : (وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها) [النحل : ٧١] وقوله تعالى : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) [الحج : ٢٩] وهذا محتمل ليوفوا أعمال نسكهم التي ألزموها أنفسهم.
فصل في زيادة كان
قال الفراء وجماعة من أهل المعاني : «كان» في قوله تعالى : (كانَ مِزاجُها كافُوراً) زائدة وأما هاهنا فكان محذوفة ، والتقدير : كانوا يوفون بالنذر.
قال ابن الخطيب (٢) : ولقائل أن يقول : إنا بينا أن «كان» في قوله تعالى : (كانَ مِزاجُها كافُوراً) ليست بزائدة ، وأما في هذه الآية فلا حاجة إلى إضمارها ؛ لأنه ـ تعالى ـ ذكر في الدنيا أن الأبرار يشربون أي : سيشربون ، فإن لفظ المضارع مشترك بين الحال والاستقبال ، ثم قال السبب في ذلك الثواب الذي سيجدونه أنهم الآن يوفون بالنذر.
قوله : (وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) ، أي : يخافون يوم القيامة ، و «كان شرّه» في موضع نصب صفة ل «يوم».
و «المستطير» : المنتشر ، يقال : استطار يستطير استيطارا ، فهو مستطير ، وهو «استفعل» من الطيران.
قال الأعشى : [المتقارب]
٥٠٣٤ ـ فبانت وقد أسأرت في الفؤا |
|
د صدعا على نأيها مستطيرا (٣) |
والعرب تقول : استطار الصدع في القارورة والزجاجة ، أو استطال إذا امتدّ ، ويقال : استطار الحريق إذا انتشر.
__________________
(١) السابق.
(٢) السابق.
(٣) تقدم.