قال مقاتل : بل لا يرون ربّهم بعد الحساب ، والمؤمنون يرون ربهم.
وقال الكلبيّ : محجوبون عن رؤية ربهم والمؤمن لا يحجب (١) ، وسئل مالك بن أنس ـ رضي الله عنه ـ عن هذه الآية ، فقال : كما حجب الله تعالى أعداءه فلم يروه ، ولا بد أن يتجلّى لأوليائه حتى يروه.
وعن الشافعيّ ـ رحمهالله ـ كما حجب قوم بالسّخط دلّ على أنهم يرونه بالرضا.
قوله تعالى : (ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ). أي : إن الكفّار مع كونهم محجوبين من الله يدخلون النار.
(ثُمَّ يُقالُ) أي : تقول لهم الخزنة : «هذا» أي : هذا العذاب (الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) ، وقوله : يقال يجوز أن يكون القائم مقام الفاعل ما دلّت عليه جملة قوله : (هذَا الَّذِي كُنْتُمْ) ، ويجوز أن تكون الجملة نفسها ، ويجوز أن تكون المصدرية. [وقد تقدم تحريره في أول «البقرة»](٢).
قوله تعالى : (كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (١٨) وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ (١٩) كِتابٌ مَرْقُومٌ (٢٠) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (٢١) إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (٢٢) عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (٢٣) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (٢٤) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (٢٥) خِتامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ (٢٦) وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (٢٧) عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (٢٨) إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩) وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ (٣٠) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (٣١) وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ (٣٢) وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ (٣٣) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (٣٤) عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (٣٥) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) (٣٦)
قوله تعالى : (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ) : لمّا ذكر تعالى حال الكفار والمطففين أتبعه بذكر الأبرار الذين لا يطففون ، فقال : «كلّا» أي : ليس الأمر كما توهمه أولئك الفجّار من إنكار البعث ، ومن أنّ كتاب الله أساطير الأولين ، بل كتابهم في سجّين ، وكتاب الأبرار في علّيّين.
وقال مقاتل : «كلّا» أي : لا يؤمن بالعذاب الذي يصلاه.
قوله : (لَفِي عِلِّيِّينَ). هو خبر «إنّ».
__________________
(١) ذكره الرازي في «تفسيره» (٣١ / ٨٨) عن الكلبي.
(٢) سقط من ب.