وقال الفرّاء : المستطير : المستطيل ، كأنه يريد أنه مثله في المعنى ، لأنه أبدل من اللام راء ، والفجر : فجران ، مستطيل كذنب السّرحان وهو الكاذب ، ومستطير ، وهو الصادق لانتشاره في الأفق.
قال قتادة : استطار والله شرّ ذلك اليوم حتى ملأ السماوات والأرض (١).
وقال مقاتل : كان شره فاشيا في السموات ، فانشقت وتناثرت بالكواكب وفزعت الملائكة في الأرض ، ونسفت الجبال وغارت المياه (٢).
فإن قيل : أحوال القيامة وأهوالها كلها فعل الله تعالى ، وكل ما كان فعلا لله ، فهو حكمة وصواب ، وما كان كذلك لا يكون شرّا ، فكيف وصفها الله بأنها شرّ؟.
والجواب : إنما سميت شرّا لكونها مضرة بمن تنزل عليه ، وصعبة عليه كما سميت الأمراض ، وسائر الأمور المكروهة شرورا.
قال ابن الخطيب (٣) : وقيل : المستطير هو الذي يكون سريع الوصول إلى أهله ، وكأن هذا القائل ذهب إلى أن الطيران إسراع.
فإن قيل : لم قال : كان شره ، ولم يقل : سيكون شره مستطيرا؟.
فالجواب : أن اللفظ وإن كان للماضي إلا أن معناه كان شره في علم الله وحكمته (٤).
قوله : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ) وهذا الجار والمجرور حال إما من «الطعام» أي: كائنين على حبهم الطعام كقوله تعالى : (وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ) [البقرة : ١٧٧].
قال ابن عباس ومجاهد : على قلة حبهم إياه وشهوتهم له (٥) ، وإما من الفاعل.
والضمير في «حبه» لله تعالى ، أي : على حب الله ، وعلى التقدير : فهو مصدر مضاف للمفعول.
قال الفضيل بن عياض : على حب إطعام الطّعام.
قوله «مسكينا». أي : ذا مسكنة ، «ويتيما» أي : من يتامى المسلمين «وأسيرا» أي : الذي يؤسر فيحبس ، وذلك أن المسكين عاجز عن الاكتساب بنفسه ، واليتيم : هو الذي مات من يكتسب له ، وبقي عاجزا عن الكسب لصغره ، والأسير : هو المأخوذ من قومه المملوك رقبة ، الذي لا يملك لنفسه نصرا ولا حيلة.
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٣٥٩).
(٢) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٩ / ٨٤) عن مقاتل.
(٣) ينظر الفخر الرازي ٣٠ / ٢١٥.
(٤) في أ : وحكمه.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٣٥٩) عن مجاهد وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٨٤) وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في «شعب الإيمان».