الإشمام بيان أن هذه «التاء» من علامة تأنيث الفعل للإناث ، وليست مما ينقلب في الأسماء ، فصار ذلك فارقا بين الاسم والفعل ، فيمن وقف على باقي الأسماء بالتاء ، وذلك لغة طيّىء ، وقد حمل في المصاحف بعض التاءات على ذلك.
وقال ابن عطية (١) : قال بعض النحاة : وقرأ أبو عمرو «انشقت» يقف على القاف ، كأنه يشمها شيئا من الجر ، وكذلك في أخواتها.
قال أبو حاتم : سمعت أعرابيا فصيحا في بلاد قيس يكسر هذه التاءات.
وقال ابن خالويه (٢) : «انشقّت» ـ بكسر التاء ـ عبيد عن أبي عمرو.
قال شهاب الدين (٣) : كأنه يريد إشمام الكسر ، وأنّه في الوقف دون الوصل ؛ لأنه مطلق ، وغيره مقيد ، والمقيد يقضي على المطلق.
وقال أبو حيّان (٤) : وذلك أن الفواصل تجري مجرى القوافي ، فكما أن هذه التاء تكسر في القوافي تكسر في الفواصل ؛ ومثال كسرها في القوافي ؛ قول كثير عزّة : [الطويل]
٥١٣٣ ـ وما أنا بالدّاعي لعزّة بالرّدى |
|
ولا شامت إن نعل عزّة زلّت (٥) |
وكذلك في باقي القصيدة ، وإجراء الفواصل في الوقف مجرى القوافي مهيع معروف كقوله تعالى : (الظُّنُونَا) ، والرسولا ، في سورة «الأحزاب» [١٠ و ٦٦] ، وحمل الوصل على حالة الوقف موجود في الفواصل أيضا.
فصل في المراد بانشقاق السماء
انشقاق السماء من علامات القيامة ، وقد تقدّم شرحه.
وعن علي ـ رضي الله عنه ـ أنّها تنشق من المجرّة ، وقال : المجرّة : باب السماء (٦).
قوله : (وَأَذِنَتْ). عطف على «انشقت» ، وقد تقدّم أنّه جواب على زيادة الواو.
ومعنى «وأذنت» : أي : استمعت أمره ، يقال : أذنت لك : استمعت لك ، وفي الحديث : «ما أذن الله لشيء كأذنه لنبيّ يتغنّى بالقرآن» (٧).
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٤٥٦.
(٢) إعراب القراءات السبع ٢ / ٤٥٤.
(٣) ينظر : الدر المصون ٦ / ٤٩٧.
(٤) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٤٣٧.
(٥) ينظر ديوان كثيّر عزّة (٤١) ، والبحر المحيط ٨ / ٤٣٨ ، والدر المصون ٦ / ٤٩٧.
(٦) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٤٧) وعزاه إلى ابن أبي حاتم عن علي.
(٧) أخرجه البخاري ١٣ / ٥١٨ في التوحيد : باب : قول النبي صلىاللهعليهوسلم الماهر بالقرآن (٢٥٤٤) ، ومسلم ١ / ٥٤٥ ، في صلاة المسافرين : باب : استحباب تحسين الصوت بالقرآن (٢٣٣ / ٧٩٢).