قال ابن عباس والحسن وقتادة : الأسير من أهل الشرك يكون في أيديهم (١).
فإن قيل : لمّا وجب قتله ، فكيف يجب إطعامه؟.
فالجواب : أن القتل في حال لا يمنع من الإطعام في حال أخرى ، ولا يجب إذا عوقب بوجه أن يعاقب بوجه آخر ، وكذلك لا يحسن فيمن عليه قصاص أن يفعل به ما هو دون القتل ، ويجب على الإمام أن يطعمه ، فإن لم يفعله الإمام وجب على المسلمين.
وقال مجاهد وسعيد بن جبير : الأسير : المحبوس (٢).
وقال السديّ : الأسير : المملوك (٣) ، وقيل : الأسير : الغريم ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أسيرك غريمك» (٤) وقال عطاء : الأسير من أهل القبلة وغيرهم (٥).
قال القرطبي (٦) : «هذا يعم جميع الأقوال ، ويكون إطعام الأسير المشرك قربة إلى الله تعالى ، غير أنه من صدقة التطوع ، فأما المفروضة فلا».
وقيل : الأسير : الزوجة ، قال صلىاللهعليهوسلم : «اتّقوا الله في النّساء ، فإنّهنّ عوان عندكم» (٧).
قال القفال (٨) : واللفظ يحتمل كل ذلك ؛ لأن أصل الأسر هو الشك بالقدر ، وكان الأسير يفعل به ذلك حبسا له.
فصل في الكلام على الآية
قال القرطبي (٩) : قيل نسخ آية المسكين آية الصدقات ، وإطعام الأسير بالسيف قاله سعيد بن جبير.
وقال غيره : بل هو ثابت الحكم ، وإطعام اليتيم والمسكين على التطوع ، وإطعام الأسير لحفظ نفسه إلى أن يتخير فيه الإمام.
وقال الماورديّ : ويحتمل أن يريد بالأسير الناقص العقل ؛ لأنه في أسر خبله وجنونه ، وأسر المشرك انتقام يقف على رأي الإمام ، وهذا برّ وإحسان.
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٣٦٠) عن الحسن وقتادة وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٨٤) عن الحسن وعزاه إلى سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن مردويه وذكره أيضا عن قتادة وعزاه إلى عبد بن حميد.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٣٦٠) عن مجاهد وسعيد بن جبير.
(٣) ورد مثله مرفوعا من حديث أبي سعيد الخدري ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٨٥) وعزاه إلى ابن مردويه وابن نعيم.
(٤) ذكره الزمخشري في «الكشاف» (٤ / ٦٦٨).
(٥) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٨٤) وعزاه إلى ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير وعطاء.
(٦) الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ٨٤.
(٧) تقدم.
(٨) ينظر : الفخر الرازي ٣٠ / ٢١٧.
(٩) الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ٨٤.