وقال آخر : [الكامل]
٥١٣٨ ـ ومضت بشاشة كلّ عيش صالح |
|
وبقيت أكدح للحياة وأنصب (١) |
وقال الراغب : وقد يستعمل الكدح دون الكدم بالأسنان.
وقال الخليل : الكدح دون الكدم.
فصل في معنى الآية
معنى (كادِحٌ إِلى رَبِّكَ) أي : ساع إليه في عملك.
والكدح : عمل الإنسان وجهده في الخير والشر.
قال قتادة والكلبيّ والضحاك : عامل لربك عملا (٢) ، وقوله تعالى : (إِلى رَبِّكَ) أي : إلى لقاء ربك ، وهو الموت ، أي : هذا الكدح استمر إلى هذا الزمن.
وقال القفال (٣) : تقديره : أنك كادح في دنياك كدحا تصير به إلى ربك.
قوله : «فملاقيه» : يجوز أن يكون عطفا على (إِنَّكَ (٤) كادِحٌ) ، والسبب فيه ظاهر ، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ مضمر ، أي : فأنت ملاقيه ، وقد تقدم أنه يجوز أن يكون جوابا للشرط.
وقال ابن عطية (٥) : فالفاء على هذا عاطفة جملة الكلام على التي قبلها ، والتقدير : فأنت ملاقيه. يعني بقوله : «على هذا» أي : على عود الضّمير على كدحك.
قال أبو حيّان (٦) : «ولا يتعين ما قاله ، بل يجوز أن يكون من عطف المفردات».
والضمير في «فملاقيه» : إمّا للربّ ، أي : ملاقي حكمه لا مفر لك منه. قاله الزجاج.
وإمّا ل «الكدح» إلا أن الكدح عمل ، وهو عرض لا يبقى ، فملاقاته ممتنعة ، فالمراد : جزاء كدحك.
وقال ابن الخطيب (٧) : المراد : ملاقاة الكتاب الذي فيه بيان تلك الأعمال ، ويتأكد هذا بقوله بعده : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ).
__________________
(١) ينظر القرطبي ١٩ / ٢٧٨ ، والبحر ٨ / ٤٣٦ ، والدر المصون ٦ / ٤٩٨.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٥٠٧) عن قتادة وابن زيد وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٤٧) وعزاه إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد.
(٣) ينظر : الفخر الرازي ٣١ / ٩٦.
(٤) سقط من أ.
(٥) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٤٥٧.
(٦) البحر المحيط ٨ / ٤٣٩.
(٧) الفخر الرازي ٣١ / ٩٦.