وقال الراغب : «الحور : التردد في الأمر ، ومنه : «نعوذ بالله من الحور بعد الكور» ، أي : من التردد في الأمر بعد المضي فيه ، ومحاورة الكلام : مراجعته ، والمحور : العود الذي تجري فيه البكرة لترددها عليه ، والمحار : المرجع والمصير».
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : ما كنت أدري ما معنى : «حور» حتى سمعت أعرابيا يقول لابنته : «حوري» أي : ارجعي (١).
وقال عكرمة وداود بن أبي هند : «يحور» : كلمة بالحبشية ، ومعناها : يرجع (٢).
قال القرطبي : «ويجوز أن تتفق الكلمتان ، فإنّهما كلمة اشتقاق ، ومنه : الخبز الحوارى ، لأنه يرجع إلى البياض».
والحور أيضا : الهلاك.
قال الراجز : [الرجز]
٥١٤٠ ـ في بئر لا حور سرى ولا شعر (٣)
وقوله تعالى : (أَنْ لَنْ يَحُورَ) : «أن لن» هذه «أن» المخففة كالتي في أوّل سورة القيامة ، وهي سادّة مسد المفعولين ، أو أحدهما على الخلاف.
وقوله : «بلى» جواب للنفي في «لن» ، و «أن» : جواب قسم مقدر ، والمعنى : إنه ظن أن لن يرجع إلينا ولن يبعث ، ثم قال : «بلى» أي : ليس كما ظن بلى يحور إلينا ، أي : يبعث.
(إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً) [قال الكلبي : بصيرا به من يوم خلقه إلى أن يبعثه.
وقال عطاء : بصيرا](٤) بما سبق عليه في أمّ الكتاب من الشقاوة.
قوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (١٦) وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ (١٧) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (١٨) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (١٩) فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ (٢١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (٢٢) وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ (٢٣) فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٢٤) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ)(٢٥)
قوله : «فلا أقسم بالشفق» «لا» : صلة ، «بالشّفق» أي : بالحمرة التي تكون عند غروب الشمس حتى تأتي صلاة العشاء الآخرة.
__________________
(١) ينظر تفسير القرطبي (١٩ / ١٨٠).
(٢) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٤٨) عن عكرمة وعزاه إلى عبد بن حميد.
ومثله عن ابن عباس ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٤٨) وعزاه إلى الطستي في مسائله والطبراني.
(٣) تقدم.
(٤) سقط من ب.