ويقال : وسقه فاتّسق ، واستوسق ، ونظير وقوع «افتعل ، واستفعل» مطاوعين : اتسع واستوسع ، ومنه قولهم : وقيل : وسق ، أي : عمل فيه ؛ قال : [الطويل]
٥١٤٦ ـ ويوما ترانا صالحين وتارة |
|
تقوم بنا كالواسق المتلبّب (١) |
فصل في معنى الآية
قال عكرمة ـ رضي الله عنه ـ : (وَما وَسَقَ) ، أي : وما ساق من شيء إلى حيث يأوي (٢) فالوسق : بمعنى الطرد ، ومنه قيل للطّريد من الإبل والغنم : وسيقة.
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : (وَما وَسَقَ) أي : وما جنّ وستر (٣).
وعنه أيضا : وما حمل ، ووسقت الناقة تسق وسقا : أي : حملت وأغلقت رحمها على الماء فهي ناقة واسق ، ونوق وساق ، مثل : نائم ونيام ، وصاحب وصحاب ، ومواسيق أيضا ، وأوسقت البعير : حملته حمله ، وأوسقت النخلة : كثر حملها.
وقال يمان والضحاك ومقاتل بن سليمان : حمل من الظلمة (٤).
وقال مقاتل : حمل من الكواكب (٥).
وقال ابن جبير : (وَما وَسَقَ) أي : وما حمل فيه من التهجد والاستغفار بالأسحار(٦).
قوله : (وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ). أي : امتلأ. قال الفراء : وهو امتلاؤه واستواؤه ليالي البدر. وهو «افتعل» من «الوسق» وهو الضم والجمع كما تقدم ، وأمر فلان متسق : أي : مجتمع على الصلاح منتظم ، ويقال : اتسق الشيء إذا تتابع.
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : (إِذَا اتَّسَقَ) أي : استوى واجتمع وتكامل وتمّ واستدار (٧).
قوله : (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) هذا جواب القسم.
وقرأ الأخوان ، وابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وأبو العالية ، ومسروق ، وأبو وائل ، ومجاهد والنخعيّ ، والشعبيّ ، وابن جبير : بفتح الباء على الخطاب للواحد.
__________________
(١) ينظر اللسان (وسق) ، والقرطبي ١٩ / ١٨٢ ، والبحر ٨ / ٤٤٠ ، والدر المصون ٦ / ٤٩٩.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٥١١) عن عكرمة وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٤٩) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) ذكره الماوردي في «تفسيره» (٦ / ٢٣٧) والقرطبي (١٩ / ١٨٢).
(٤) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٩ / ١٨٢).
(٥) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٤٦٥) وينظر المصدر السابق.
(٦) ينظر المصدر السابق.
(٧) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٥١٣) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٤٩) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم.