(الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) :لا شريك له فيهما.
(وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) أي : عالم بأعمال خلقه لا يخفى عليه خافية ، وهذا وعد عظيم للمطيعين ، ووعيد للمجرمين.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ (١٠) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (١١) إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (١٣) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥) فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ)(١٦)
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) : لما ذكر قصة أصحاب الأخدود ، أتبعها بما يتفرع من أحكام الثواب والعقاب ، فقال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) أي : حرقوهم بالنار ، والعرب يقولون : فتن فلان الدرهم والدينار إذا أدخله الكور لينظر جودته ، ودينار مفتون ، ويسمى الصائغ : فتّان ، وكذلك الشيطان ، وورق فتين ، أي : فضة محرقة ، ويقال للحرة : فتين ، وهي الأرض التي تركبها حجارة سوداء ، كأنما أحرقت حجارتها بالنار لسوادها.
وقال ابن الخطيب (١) : يحتمل أن يكون المراد بالذين فتنوا : كل من فعل ذلك ؛ لأن اللفظ والحكم عام.
وقوله تعالى : (ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا) أي : من قبيح صنيعهم ، وهذا يدل على أنهم لو تابوا لخرجوا من هذا الوعيد ، وذلك يدلّ على القطع بأن الله يقبل التوبة ، فدلّ على أن توبة القاتل عمدا مقبولة.
قوله : (فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ). هو خبر «إنّ الذين» دخلت الفاء لما تضمنه المبتدأ من معنى الشرط ، ولا يضر نسخه ب «إن» خلافا للأخفش.
وارتفاع «عذاب» يجوز على الفاعلية بالجار قبله لوقوعه خبرا ، وهو الأحسن ، وأن يرتفع بالابتداء ، والمعنى : لهم عذاب جهنّم لكفرهم.
وقيل : ولهم عذاب الحريق أي : ولهم في الآخرة عذاب الحريق ، والحريق : اسم من أسماء جهنم كالسعير ، والنّار دركات وأنواع ، ولها أسماء ، وكانوا يعذبون بالزّمهرير في جهنم ، ثم يعذبون بعذاب الحريق.
والأول : عذاب ببردها.
والثاني : عذاب بحرّها.
__________________
(١) ينظر : الفخر الرازي ٣١ / ١١١.