وقيل : ل «ربك» في قوله : (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) ، قاله مكيّ. وقيل : لا يجوز أن يكون نعتا للعرش ؛ لأنه من صفات الله تعالى.
وقرأ الباقون (١) : بالرفع ، على أنه خبر بعد خبر.
وقيل : هو نعت ل «ذو» ، واستدلّ بعضهم على تعدد الخبر بهذه الآية ، ومن منع قال: لأنها في معنى خبر واحد ، أي : جامع بين هذه الأوصاف الشريفة ، أو كل منها خبر لمبتدأ مضمر.
والمجيد : هو النهاية في الكرم والفضل ، والله ـ تبارك وتعالى ـ هو المنعوت بذلك ، وإن كان قد وصف عرشه بالكريم في آخر المؤمنين.
ومعنى «ذو العرش» أي : ذو الملك والسلطان ، كما يقال : فلان على سرير ملكه وإن لم يكن على سرير ، ويقال : بلي عرشه ، أي : ذهب سلطانه.
قوله : (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) أي : لا يمتنع عليه شيء يريده.
قال الزمخشريّ (٢) : «فعال» خبر مبتدأ محذوف ، وإنما قيل : «فعال» ؛ لأن ما يريد ويفعل في غاية الكثرة.
وقال الفراء : هو رفع على التكرير والاستئناف ؛ لأنه نكرة محضة على وجه الإتباع لإعراب الغفور الودود.
وعن أبي السفر قال : دخل ناس من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم على أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ يعودونه ، فقالوا : ألا نأتيك بطبيب؟ قال رضي الله عنه : قد رآني ، قالوا : فما قال لك؟ قال : قال : إنّي فعّال لما أريد (٣).
فصل في أن الآية دلت على خلق الأفعال
دلّت هذه الآية على خلق الأفعال ؛ لأنه تعالى يريد الإيمان ، فوجب أن يكون فاعلا للإيمان ، وإذا كان فاعلا للإيمان وجب أن يكون فاعلا للكفر ضرورة ؛ لأنه لا قائل بالفرق.
فصل في تفسير الآية
قال القفال (٤) : (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) أي : يفعل ما يريد على ما يراه ، لا يعترض عليه ولا يغلبه غالب ، فيدخل أولياءه الجنة ، لا يمنعه مانع ، ويدخل أعداءه النار ، لا ينصرهم
__________________
(١) ينظر : السبعة ٦٧٨ ، والحجة ٦ / ٣٩٣ ، وإعراب القراءات ٢ / ٤٥٧ ، وحجة القراءات ٧٥٧.
(٢) ينظر : الكشاف ٤ / ٧٣٣.
(٣) ينظر : تفسير القرطبي (١٩ / ١٩٥).
(٤) ينظر : الفخر الرازي ٣١ / ١١٣.