حوّاء وقد حويت ، وبعير أحوى : إذا خالط خضرته سواد وصفرة ، قال : وتصغير أحوى : أحيو في لغة من قال : أسيود».
قال عبد الرحمن بن زيد : هذا مثل ضربه الله تعالى للكفّار لذهاب الدنيا بعد نضارتها (١) ، والمعنى : أنه صار كذلك بعد خضرته.
قال أبو عبيدة : فجعله أسود من احتراقه وقدمه ، والرطب إذا يبس اسود.
قوله تعالى : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (٦) إِلاَّ ما شاءَ اللهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى (٧) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى)(٨)
قوله : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) ، قال الواحدي : «سنقرئك» : أي : سنجعلك قارئا ، أي : نؤهلك للقراءة فلا تنسى ما تقرأه ، أي : نجعلك قارئا للقرآن فتحفظه ، فهو نفي ، أخبر الله ـ تعالى ـ أن نبيه صلىاللهعليهوسلم لا ينسى.
وقيل : نهي والألف للإشباع [وقد تقدم نحو من هذا في سورة يوسف وطه].
ومنع مكيّ أن يكون نهيا ؛ لأنه لا ينهى عما ليس باختياره ، وهذا غير لازم ، إذ المعنى : النهي عن تعاطي أسباب النسيان ، وهو الشائع ، وقيل : هذا بشرى من الله تعالى ، بشره تعالى بأن جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ لا يفرغ من آخر الوحي ، حتى يتكلم هو بأوله لمخافة النسيان ، فنزلت هذه الآية ؛ فلا تنسى بعد ذلك شيئا.
قوله : (إِلَّا ما شاءَ اللهُ) فيه أوجه :
أحدها : أنه مفرّغ ، أي : إلا ما شاء الله أن ينسيكه ، فإنك تنساه ، والمراد رفع تلاوته ، وفي الحديث : «أنّه كان يصبح فينسى الآيات» (٢) ، لقوله تعالى : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها) [البقرة : ١٠٦].
وقيل : إن المعنى بذلك النّدرة والقلّة.
قال ابن الخطيب (٣) : يشترط أن لا يكون ذلك القليل من الواجبات بل من الآداب والسنن ، فإنّه لو نسي من الواجبات ، فلم يتذكره أدى ذلك إلى الخلل في الشرع ، وهو غير جائز ، كما ورد أنه صلىاللهعليهوسلم أسقط آية في صلاته ، فحسب أبيّ أنها نسخت ، فسأله ، فقال صلىاللهعليهوسلم : نسيتها (٤).
وقال الزمخشريّ (٥) : «والغرض نفي النسيان رأسا ، كما يقول الرجل لصاحبه : أنت
__________________
(١) ينظر المصدر السابق.
(٢) ذكره السيوطي في الدر المنثور ٨ / ٤٨.
(٣) ينظر : الفخر الرازي ٣١ / ١٢٩.
(٤) أخرجه أحمد (٣ / ٤٠٧) ، وابن خزيمة في «صحيحه» (٦٦٤٧).
(٥) ينظر الكشاف ٤ / ٧٣٩.