قال القرطبيّ (١) : «والسورة مكية في قول الجمهور ، ولم يكن ب «مكة» عيد».
قال القشيريّ : ولا يبعد أن يكون أثنى على من يمتثل أمره في صدقة الفطر ، وصلاة العيد فيما يأمر به في المستقبل.
قوله : (وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ) ، أي : وذكر ربه.
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما : معناه ذكر معاده وموقفه بين يدي الله تعالى ، فعبده وصلى له (٢).
وقيل : ذكر اسم ربه : التكبير في أوّل الصلاة ؛ لأنها لا تنعقد إلا بذكره ، وهو قوله : «الله أكبر» ، وبه يحتجّ على وجوب تكبيرة الإحرام وعلى أنّها ليست من الصلاة ؛ لأنّ الصلاة معطوفة عليها ، وفيه حجّة لمن قال : الافتتاح جائز بكل اسم من أسماء الله تعالى.
قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : «هذا في الصلوات المفروضة».
روى عبد الله رضي الله عنه : «من أقام الصلاة ولم يؤت الزكاة فلا صلاة له».
قوله تعالى : (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى (١٧) إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى (١٨) صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى)(١٩)
قوله : (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا) ، قرأ أبو عمرو (٣) : بالغيبة.
والباقون : بالخطاب ويؤيده قراءة أبيّ (٤) : «أنتم تؤثرون».
وعلى الأول معناه : بل تؤثرون أيها المسلمون الاستكثار من الدنيا على الاستكثار من الثواب.
وعن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ : أنّه قرأ هذه الآية ، فقال : أتدرون لم آثرنا الحياة الدنيا على الآخرة؟ قال : لأن الدنيا حضرت وعجلت لنا طيباتها وطعامها وشرابها ولذاتها وبهجتها ، والأخرى : غيبت عنا فأخذنا العاجل ، وتركنا الآجل (٥).
قوله : (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى) ، أي : والدّار الآخرة خير ، أي : أفضل وأبقى أي : أدوم.
قوله : (إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى).
__________________
(١) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ٢٠ / ١٧.
(٢) ينظر : القرطبي (٢٠ / ١٦).
(٣) ينظر : الحجة ٦ / ٣٩٨ ، وإعراب القراءات ٢ / ٤٦٧ ، وحجة القراءات ٧٥٩.
(٤) وقرأ بها ابن مسعود كما في : الكشاف ٤ / ٧٤١ ، وقراءة أبيّ في : المحرر الوجيز ٥ / ٤٧٠.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٥٤٨) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٧٠) ، وزاد نسبته إلى ابن المنذر والطبراني والبيهقي في «شعب الإيمان».