وقيل : هو استثناء متصل ، والمعنى : لست مسلّطا إلا على من تولى وكفر ، فأنت مسلّط عليه بالجهاد ، والله ـ تعالى ـ يعذبه ذلك العذاب الأكبر ، فلا نسخ في الآية على هذا التقدير.
وقرأ ابن عبّاس (١) وزيد بن عليّ ، وزيد بن أسلم ، وقتادة : «ألا» حرف استفتاح وتنبيه ؛ كقول امرىء القيس : [الطويل]
٥١٨٧ ـ ألا ربّ يوم لك منهنّ صالح |
|
.......... (٢) |
و «من» على هذا شرط ، فالجملة مقدرة شرطية ، والجواب : «فيعذبه الله» ، والمبتدأ بعد الفاء مضمر ، والتقدير : فهو يعذبه الله ؛ لأنه لو أريد الجواب بالفعل الذي بعد الفاء لكان : «إلا من تولى وكفر يعذبه الله».
[قال شهاب الدين (٣) : أو موصول مضمن معناه](٤).
قوله تعالى : (إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ (٢٥) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ)(٢٦)
قوله : (إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ) ، أي : رجوعهم بعد الموت ، والعامة : على تخفيف الياء ، مصدر : آب ، يئوب ، إيابا ، أي : رجع ، كقام يقوم قياما ؛ قال عبيد : [مخلع البسيط]
٥١٨٨ ـ وكلّ ذي غيبة يئوب |
|
وغائب الموت لا يئوب (٥) |
وقرأ أبو جعفر (٦) وشيبة بتشديدها.
قال أبو حاتم : لا يجوز التشديد ، ولو جاز جاز مثله في الصيام والقيام.
وقيل : لغتان بمعنى.
قال شهاب الدين (٧) : وقد اضطربت فيها أقوال التصريفيّين.
فقيل : هو مصدر ل «أيّب» على وزن «فيعل» ك «بيطر» يقال منه : «أيّب يؤيب
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٤٧٥ ، والبحر المحيط ٨ / ٤٦٠ ، والدر المصون ٦ / ٥١٥.
(٢) صدر بيت وعجزه :
ولا سيّما يوم بدارة جلجل
ينظر ديوان امرىء القيس ص ١٠ ، والجنى الداني ص ٣٣٤ ، ٤٤٣ ، وخزانة الأدب ٣ / ٤٤٤ ، ٤٥١ ، والدرر ٣ / ١٨٣ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٤١٢ ، ٢ / ٥٥٨ ، وشرح المفصل ٢ / ٨٢ ، والصاحبي في فقه اللغة ص ١٥٥ ، ولسان العرب (سوا) ، ورصف المباني ص ١٩٣ ، وشرح الأشموني ١ / ٢٤١ ، ومغني اللبيب ص. ١٤ ، ٣١٣ ، ٤٢١ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٣٤.
(٣) الدر المصون ٦ / ٥١٥.
(٤) سقط من ب.
(٥) تقدم.
(٦) ينظر : الكشاف ٤ / ٧٤٥ ، والمحرر الوجيز ٥ / ٤٧٥ ، والبحر المحيط ٨ / ٤٦٠ ، والدر المصون ٥ / ٥١٥.
(٧) الدر المصون ٥ / ٥١٥.