وزعم قتادة : أن طول الرجل منهم اثنا عشر ذراعا (١).
قال أبو عبيدة : «ذات العماد» : أي : ذات الطول ، يقال : رجل معمد إذا كان طويلا ونحوه عن ابن عباس ، ومجاهد.
وعن قتادة : كانوا عمادا لقومهم ، يقال : فلان عميد القوم وعمودهم : أي : سيدهم ، وعنه أيضا : كانوا أهل خيام وأعمدة ينتجعون الغيوث ، ويطلبون الكلأ ، ثم يرجعون إلى منازلهم.
وقيل : المعنى : ذات الأبنية المرفوعة على العمد ، وكانوا ينصبون الأعمدة ، فيبنون عليها القصور.
وقال ابن زيد : «ذات العماد» يعني : إحكام البنيان بالعمد (٢).
قال الجوهري (٣) : «والعماد : الأبنية الرفيعة ، تذكر وتؤنث ، والواحدة : عمادة».
وقال الضحاك : «ذات العماد» أي ذات الشدة والقوة مأخوذة من قوة الأعمدة بدليل قوله تعالى : (وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً)(٤) [فصلت : ١٥].
فصل في الضمير في «مثلها»
والضمير في : «مثلها» يرجع إلى القبيلة ، أي : لم يخلق مثل القبيلة في البلاد قوة وشدة ، وعظم أجساد.
وعن الحسن وغيره : وفي حرف عبد الله (٥) : «التي لم يخلق مثلهم في البلاد».
وقيل : يرجع إلى المدينة ، والأول أظهر وعليه الأكثر.
فصل
قال القرطبيّ (٦) : «روي عن مالك رضي الله عنه أن كتابا وجد ب «الاسكندرية» فلم يدر ما فيه ، فإذا فيه «أنا شدّاد بن عاد ، الذي رفع العماد ، بنيتها حين لا شيب ولا موت» قال مالك : إن كان لتمرّ بهم مائة سنة لا يرون فيها جنازة».
وروي : أنه كان لعاد ابنان : شدّاد ، وشديد ، ثم مات شديد ، وخلص الأمر لشداد ، فملك الدنيا ، ودانت له ملوكها ، فسمع بذكر الجنة ، فقال : أبني مثلها ، فبنى إرم في
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٥٦٩) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٨٣) وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٥٦٨).
(٣) ينظر الصحاح (٢ / ٥١١).
(٤) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٢٠ / ٣١) عن الضحاك.
(٥) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ٢٠ / ٣٢.
(٦) ينظر السابق.