وكذا إن قتر عليه ، يظن أن ذلك لهوانه على الله.
قوله : «فقدر عليه».
قرأ ابن عامر (١) : بتشديد الدّال.
والباقون : بتخفيفها ، وهما لغتان بمعنى واحد ، ومعناهما : التّضييق.
قال القرطبيّ (٢) : والاختيار : التخفيف ، لقوله تعالى : (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ) [الطلاق: ٧] وقوله تعالى : (اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) [الرعد : ٢٦].
وقال أبو عمرو : و «قدر» أي : قتر. و «قدّر» مشددا : هو أن يعطيه ما يكفيه ، ولو فعل به ذلك ما قال : (رَبِّي أَهانَنِ).
فصل في الكلام على أكرمن وأهانن
قوله : «أكرمني ، أهانني».
قرأ نافع : بإثبات يائهما وصلا ، وحذفهما وقفا من غير خلاف عنه.
والمروي عن ابن كثير ، وابن محيصن ، ويعقوب : إثباتهما في الحالين ؛ لأنهما اسم فلا تحذف.
واختلف عن أبي عمرو في الوصل : فروي (٣) عنه الإثبات والحذف ، والباقون يحذفونها في الحالتين.
وعلى الحذف قوله : [المتقارب]
٥٢٠٤ ـ ومن كاشح ظاهر عمره |
|
إذا ما انتسبت له أنكرن (٤) |
يريد : أنكرني ؛ ولأنها وقعت في الموضعين بغير ياء ، والسنة لا تخالف خط المصحف ؛ لأنه إجماع الصحابة رضي الله عنهم.
وقال الزمخشريّ (٥) : فإن قلت : هلا قال : فأهانه وقدر عليه رزقه ، كما قال : (فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ)؟ قلت : لأن البسط : إكرام من الله لعبده بإنعامه عليه متفضلا من غير سابقة ، وأما التقدير ، فليس بإهانة له ؛ لأن الإخلال بالتفضل لا يكون إهانة ، ولكن تركا للكرامة ، وقد يكون المولى مكرما لعبده ومهينا له ، وغير مكرم ولا مهين ، وإذا أهدى لك زيد هدية ، قلت : أكرمني بالهدية ، ولا تقول : أهانني ، ولا أكرمني إذا لم يهد لك.
__________________
(١) ينظر : السابق ، وحجة القراءات ٧٦١.
(٢) السابق.
(٣) ينظر خلاف السبعة في : السبعة ٦٨٤ ، ٦٨٥ ، والحجة ٦ / ٤٠٣ ، ٤٠٩ ، وإعراب القراءات ٢ / ٤٧٨ ، وحجة القراءات ٧٦٤.
(٤) تقدم.
(٥) الكشاف ٤ / ٧٤٩.