قوله : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا). أي : جاء أمره وقضاؤه. قاله الحسن ، وهو من باب حذف المضاف.
وقيل : جاءهم الربّ بالآيات ، كقوله تعالى : (إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ) [البقرة : ١٢٣] أي بظلل.
وقيل : جعل مجيء الآيات مجيئا له ، تفخيما لشأن تلك الآيات ، كقوله تعالى في الحديث: «يا ابن آدم مرضت فلم تعدني ، واستسقيتك فلم تسقني واستطعمتك فلم تطعمني» (١).
وقيل : زالت الشبه ، وارتفعت الشكوك ، وصارت المعارف ضرورية ، كما تزول الشبه والشكوك عند مجيء الشيء الذي كان يشك فيه [وقيل وجاء قهر ربك ، كما تقول جاءتنا بنو أمية ، أي : قهرهم.
قال أهل الإشارة : ظهرت قدرته واستوت ، والله ـ سبحانه وتعالى ـ لم يوصف بالتحول من مكان إلى مكان ، وأنّى له التحول والانتقال ، ولا مكان له ولا أوان ، ولا يجري عليه وقت ولا زمان ؛ لأن في جريان الوقت على الشيء فوات الأوقات ، ومن فاته الشيء ، فهو عاجز.
وأما قوله تعالى : (وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) أي : والملائكة صفا بعد صفّ متحلّقين بالجن والإنس](٢).
قوله : (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ).
«يومئذ» : منصوب ب «جيء» ، والقائم مقام الفاعل : «بجهنم» وجوز مكيّ : أن يكون «يومئذ» : قائم مقام الفاعل.
وأمّا «يومئذ» الثاني فقيل : بدل من «إذا دكّت» ، والعامل فيها : «يتذكر» ، قاله الزمخشري (٣) وهذا مذهب سيبويه.
وقيل : إن العامل في «إذا دكت» : يقول ، والعامل في «يومئذ» : يتذكر ، قاله أبو البقاء (٤).
فصل
قال ابن مسعود ومقاتل : «تقاد جهنّم بسبعين ألف زمام ، كل زمام بيد سبعين ألف ملك يجرونها ، لها تغيّظ وزفير ، حتّى تنصبّ عن يسار العرش» (٥).
__________________
(١) تقدم.
(٢) سقط من ب.
(٣) ينظر : الكشاف ٤ / ٧٥١.
(٤) ينظر : الإملاء ٢ / ٢٨٧.
(٥) ورد هذا الأثر عن ابن مسعود مرفوعا أخرجه مسلم وغيره وقد تقدم تخريجه.