سورة البلد
مكيّة ، وهي عشرون آية ، واثنتان وثمانون كلمة ، وثلاثمائة وعشرون حرفا.
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى : (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (١) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ (٢) وَوالِدٍ وَما وَلَدَ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ (٤) أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (٥) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً (٦) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (٧) أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (٨) وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ (٩) وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) (١٠)
قوله تعالى : (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) : يجوز أن تكون «لا» : زائدة ، كما تقدم في : (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) ، قاله الأخفش ، أي : أقسم ؛ لأنه قال : «بهذا البلد» ، وقد أقسم به في قوله : (وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) [التين : ٣] ، فكيف يجوز القسم به ، وقد أقسم به سبحانه ؛ قال الشاعر : [الطويل]
٥٢١٠ ـ تذكّرت ليلى فاعترتني صبابة |
|
وكاد صميم القلب لا يتقطّع (١) |
أي : يتقطع ، ودخل حرف «لا» : صلة ، ومنه قوله تعالى : (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) [الأعراف : ١٢] وقد قال تعالى في سورة «ص» : (ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ) [ص : ٧٥].
وقرأ الحسن والأعمش (٢) وابن كثير : «لأقسم» من غير ألف بعد اللام إثباتا.
وأجاز الأخفش أيضا ، أن تكون بمعنى : «ألا».
وقيل : ليست بنفي القسم ، وإنما هو كقول العرب : لا والله لا فعلت كذا ، ولا والله ما كان كذا ، ولا والله لأفعلن كذا.
وقيل : هي نفي صحيح ، والمعنى : لا أقسم بهذا البلد ، إذا لم تكن فيه بعد خروجك منه. حكاه مكيّ ، ورواه ابن أبي نجيح عن مجاهد ، قال : «لا» : رد عليهم ،
__________________
(١) ينظر : القرطبي ٢٠ / ٤٠.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٤٨٣.