المشرق والمغرب ، وقال تعالى : (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) [البقرة : ١٤٤] ، وأمر النّاس بحجّ البيت ، فقال : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) [آل عمران : ٩٧] وقال تعالى : (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً) [البقرة : ١٢٠] ، وقال تعالى : (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ) [الحج : ٢٦] ، وقال تعالى : (يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ (١) يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) [الحج : ٢٧] ، وشرف مقام إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ بقوله تعالى : (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) [البقرة : ١٢٥] ، وحرم صيده ، وجعل البيت المعمور بإزائه ، ودحيت الأرض من تحته ، فهذه الفضائل ، وأكثر منها ، لما اجتمعت في «مكة» لا جرم أقسم الله تعالى بها.
فصل في تفسير وأنت حلّ
روى منصور عن مجاهد : «وأنت حلّ» ، قال : ما صنعت فيه من شيء ، فأنت في حل(١).
وكذا قال ابن عبّاس : أحل له يوم دخل «مكة» ، أن يقتل من شاء ، فقتل ابن خطل ومقيس بن صبابة وغيرهما ، ولم يحل لأحد من الناس ، أن يقتل بها أحدا بعد رسول اللهصلىاللهعليهوسلم (٢).
وقال السدي : أنت في حل ممن قاتلك أن تقتله (٣).
وروى أبو صالح عن ابن عبّاس ، قال : أحلت له ساعة من نهار ، ثم أطبقت ، وحرمت إلى يوم القيامة ، وذلك يوم فتح «مكة» (٤).
[قال ابن زيد : ولم يكن بها أحد حلالا غير النبي صلىاللهعليهوسلم (٥) وقيل : معناه : وأنت مقيم فيه ، وهو محلك أي : من أهل «مكة» نشأت بينهم ، ويعرفون فضلك وطهارتك لقوله تعالى : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) [التوبة : ١٢٨].
وقيل : أنت فيه محسن ، وأنا عنك فيه راض](٦).
وذكر أهل اللغة أنه يقال : رجل حلّ وحلال ومحل ، ورجل حرم وحرام ومحرم.
وقال قتادة : «وأنت حل به» : أي لست بآثم ، قيل : معناه أنك غير مرتكب في هذا
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٥٨٥) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٩٢) وعزاه إلى عبد بن حميد.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٥٨٥) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٩١) وزاد نسبته إلى ابن مردويه.
(٣) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٢٠ / ٤١).
(٤) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٩٢) وعزاه إلى عبد بن حميد.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٥٨٦) عن ابن زيد.
(٦) سقط من : ب.